تعريف العقد :
العقد هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني، سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهاءه.
والعقد، كذلك، هو توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني، أو بعبارة أخرى، هو توافق إرادتين على إنشاء رابطة قانونية أو تعديلها أو إنهائها.
تعريف العقد في القانون الفرنسي
المادة 1101 من القانون المدني الفرنسي، تعرّف العقد بأنه "اتفاق يلتزم، بمقتضاه، شخص أو أكثر نحو شخص أو أكثر، بإعطاء شيء أو القيام بعمل أو بالامتناع عنه".
تعريف العقد في اللغة وفي اصطلاح الفقهاء
يطلق العقد في اللغة على الجمع بين أطراف الشيء وربطها، وضده الحل، ويطلق أيضاً بمعنى إحكام الشيء وتقويته. ومن معنى الربط الحسي بين طرفي الحبل أخذت الكلمة للربط المعنوي للكلام أو بين الكلامين، ومن معنى الإحكام والتقوية الحسيّة للشيء أُخذت اللفظة وأُريد بها العهد، ولذا صار العقد بمعنى العهد الموثّق، والضمان، وكل ما يُنشئ التزاما.
وعلى ذلك يكون عقداً في اللغة، كل ما يفيد الالتزام بشيء عملاً كان أو تركاً، من جانبٍ واحد أو من جانبين، لما في كل أولئك من معنى الربط والتوثيق.
أما المعنى الذي اصطلح عليه الفقهاء لكلمة العقد فانه لا يبعد عن المعنى اللغوي له، بل هو حصرُ له وتخصيص لما فيه من العموم، وللعقد معنيين عندهم، ويطلق بإطلاقين: فمن عباراتهم ما يفيد أن العقد هو ربط بين كلامين ينشأ عنه حكم شرعي بالتزام لأحد الطرفين أو لكليهما.
وهذا يتفق كل الاتفاق مع تعريف القانونيين للعقد بأنه توافق إرادتين على إنشاء التزام أو نقله أو إنهائه.
ولذا فإن أكثر الفقهاء لا يطلقون اسم العقد على الطلاق، والإبراء، والإعتاق وغيرها مما يتم بكلام طرفٍ واحدٍ من غير كلام الطرف الثاني. في حين يطلقون اسم العقد على البيع، والهبة، والزواج، والإجارة وغيرها مما لا يتم إلاّ بربط كلامين من طرفين.
وبجوار هذا فإن هناك من الكتاب في الفقه من يعممون، فيطلقون كلمة العقد على كل تصرف شرعي، سواء أكان ينعقد بكلام طرفٍ واحد أم لا ينعقد إلاّ بكلام طرفين.
وفي الجملة أن كتب الفقه تذكر كلمة العقد، وتريد بها أحياناً المعنى العام، وهو المراد للتصرف، وتذكرها أحياناً وتريد بها المعنى الخاص، وهو ما لا يتم إلاّ من ربط كلامين يترتب عليه أثرُ شرعي. وهذا هو المعنى الشائع المشهور حتى يكاد ينفرد هو بالاصطلاح، وهو المعنى الذي يتبادر إلى الذهن إذا أطلقت كلمة العقد. أما المعنى الثاني فلا تدل عليه كلمة العقد، إلاّ بتنبيه يدل على التعميم.
ويطلق جمهور الفقهاء والأحناف منهم خاصة العقد بمعنيين:
الأول: هو تعليق كلام أحد المتعاقدين بكلام الآخر، شرعاً، على وجه يظهر أثره في المحل.
والثاني: العقد هو ما يتم به الارتباط بين إرادتين، من كلام وغيره، ويترتب عليه التزام بين طرفيه. فالعقد عند هؤلاء، لا يكون إلا في ما يحدث بين اثنين من تعاقد أو ارتباط بإرادتيهما.
الالتزام
يتوقف التعريف بالالتزام على المذهب الذي يؤخذ به في شأنه حيث يتنازعه مذهبان:
المذهب الشخصي:
وهو الذي يعتبر الالتزام رابطة بين شخصين ويستند إلى فكرة السلطة التي يخولها الحق لصاحبه، وهذه السلطة قد ترد على شيء كما في الحق العيني، وقد ترد على شخص كما في الحق الشخصي، وهي سلطة كاملة في الحق العيني كالملكية، أما في الحق الشخصي فلا تتناول إلاّ بعض حرية المدين وجانباً من نشاطه.
المذهب المادي:
وهو الذي يعتبر الالتزام رابطة بين ذمتين، باعتباره يمثل حقاً في ذمة الدائن، ويمثل حقاً في ذمة المدين، ويعتمد المذهب على التقريب بين الحق الشخصي والحق العيني باعتبار أن العنصر الغالب في الحق هو محل الحق لا أطراف الحق. فالحق الشخصي يجب أن يجرد من الرابطة الشخصية أي من علاقة الدائن بالمدين وأن ينظر إليه كعنصر من عناصر الذمة المالية.
ويمكن تعريف الالتزام بأنه :
رابطة قانونية بين شخصين، يلتزم، بمقتضاها، أحدهما، وهو المدين، بأن يقوم بعمل، أو بالامتناع عن عمل معين.
وعلى ذلك يكون للالتزام أركان ثلاثة هي:
1. طرفا الالتزام، دائن ومدين.
2. رابطة قانونية، يلتزم بمقتضاها المدين بأداء معين.
3. محل الالتزام وهو ما يجب على المدين أداؤه.
وقد عرّف المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري الالتزام، بأنه "حالة قانونية بمقتضاها يجب على الشخص أن ينقل حقاً عينياً، أو أن يقوم بعمل، أو أن يمتنع عن عمل".
الفرق بين العقد والالتزام والتصرف القانوني
العقد يكون بتوافق إرادتين إيجاباً وقبولاً. أما الالتزام فهو التصرف المتضمن إرادة إنشاء حق من الحقوق أو إنهاء حق أو إسقاطه سواء أكان التصرف الذي ينتج التزاماً هو في مقابلة التزام من جانب آخر كما في البيع والإجارة، أم كان هذا الالتزام من جانبٍ واحدٍ كما في الوقف.
والالتزام بهذا المعنى يكون أعم من العقد الذي يشترط فيه اجتماع إرادتين على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء. على أن البعض قد خص الالتزام عند الإطلاق بحالة التزام الشخص نفسه. ولذا فانهم يطلقونه على أحوال الإرادة المنفردة، وهو بهذا المعنى يكون مقابلاً لمعنى العقد.
وأمّا التصرف: فهو ما يصدر من الشخص المميز بإرادته قولاً أو فعلاً ويرتب عليه الشارع نتيجة ما. وهو يشمل الالتزام والعقد.
فالتصرف أعم من العقد لأنه يتناول ما كان بإرادتين، وما كان بإرادة واحدة. كما يتناول ما كان منشئاً لحق أو منهياً له كالطلاق أو مسقطاً له كالإبراء، كما يتناول ما لم يكن فيه شيئاً من ذلك كما في الإخبار بدعوى أو إقرار بحقٍ سابقٍ أو إنكار له أو حلف على نفيه. فهو إخبار بثبوت حق وليس إنشاء لالتزام أو إسقاط له.
وعلى هذا فإن فأي عمل من أعمال الإنسان، لا يوصف بأنه تصرف قانوني، إلا حيث تكون الإرادة قد اتجهت إلى إحداث أثر قانوني، ويتم هذا الأثر نتيجة مباشرة لاتجاه الإرادة إليه. أما إذا لم تقصد الإرادة إحداث أثر قانوني، يربط صاحبها ويقيده، أمام القانون، فلا نكون بصدد تصرف قانوني، بل عمل من أعمال المجاملات، كدعوة صديق إلى غداء.
شروط العقد وشروط صحته
نظراً إلى أن العقد هو توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني معين، لهذا، كان لا بد لانعقاد العقد من وجود أركان له، وهي:
1. الركن الأول وهو التراضي بين طرفيه.
2. الركن الثاني وهو المحل.
3. الركن الثالث وهو السبب.
4. وقد يضيف القانون أو المتعاقدان، ركناً رابعاً، وهو الشكل، وهذا هو العقد الشكلي.
ويترتب على فقدان ركن من هذه الأركان، بطلان العقد بطلاناً مطلقاً. فإذا انعدم التراضي لانعدام التمييز والإرادة، مثلاً، أو إذا انعدم السبب أو المحل، أو إذا لم يستوفيا ما يشترطه القانون، كأن كانا غير مشروعين، مثلاً، كان العقد باطلاً.
ويستلزم القانون، فضلاً عن هذه الأركان الثلاثة، التراضي والمحل والسبب، أن يكون كل من طرفَي العقد متمتعاً بالأهلية، وأن تكون إرادة كل منهما خالية من العيوب.
فاستيفاء العقد لأركانه شرط لانعقاده، والتمتع بالأهلية وسلامة الإرادة من العيوب، شرط لصحته. وجزاء فقدان أحد شروط الانعقاد، هو البطلان المطلق. أما جزاء فقدان شرط من شروط الصحة، فهو القابلية للإبطال، أو ما يسمى بالبطلان النسبي.
مجال العقد
يتحدد مجال العقد بالاتفاقات المنشئة للالتزامات بين أشخاص القانون الخاص، فتخرج من مجاله الاتفاقات المتعلقة بفروع القانون العام كالمعاهدة وهي اتفاق بين دولة ودولة أخرى وتحكمها قواعد القانون الدولي، والنيابة وهي اتفاق بين النائب وناخبيه وتحكمها قواعد القانون الدستوري، والوظيفة وهي اتفاق بين الحكومة والموظف وتحكمها قواعد القانون الإداري.
غير أنه حتى في مجال القانون الخاص تقتصر منطقة العقد على الاتفاقات المتعلقة بالذمة المالية، فنستبعد من مجاله الاتفاقات المتعلقة بروابط الأحوال الشخصية كالزواج، لأن الزواج ولو أنه، اتفاق بين الزوجين، إلاّ أن القانون وحده هو الذي يحدد آثاره، ولذا لا يعتبر عقداً بالمعنى الصحيح