الفصل الأول : فسخ العقد
يتضمن البحث في الفسخ دراسة ثلاثة مطالب .
ـ المطلب الأول : شروط الفسخ.
ـ المطلب الثاني : تقرير الفسخ
ـ المطلب الثالث : آثار الفسخ
المطلب الأول : شروط الفسخ
حسب المادة 119 الفقرة الأولى من القانون المدني : لقيام الحق في فسخ العقد يجب توافر ثلاثة شروط:
الشرط الأول : أن يكون العقد ملزما للجانبين ( ) أي يوجد فيه إلتزامان يتقبلان ).
الشرط الثاني : أن يكون أحد العاقدين قد تختلف من تنفيذ إلتزامه
الشرط الثالث : أن يكون العاقد الآخر الذي يطلب الفسخ ، قد نفذ إلتزامه ، أو على الأقل مستعدا لتنفيذه.
المطلب الثاني : تقرير الفسخ
كيف يتقرر الفسخ ؟
ـ في القاعدة العامة ، يقع الفسخ بحكم القاضي ، لأنه جزاء الإخلال بإلتزامات ناشئة عن العقد.
ـ فيتعين تدخل القاضي ليراقب توافر شروطه ( الفسخ ) ـ ثمّ يقضي به.
ـ و مع ذلك ، يجوز إتفاق العاقدين ( مقدما أو مسبقا ) ، على إعتبار العقد مفسوخا عند إخلال أحدهما بإلتزامه ، فيقع الفسخ بمقتضى هذا الإتفاق.
ـ فالفسخ إذن يكون قضائيا ـ أو إتفاقيا.
) أولا : الفسخ القضائي : ( أو الفسخ بحكم القضاء ).1
ـ يجب على الدائن ـ حتى يطلب فسخ العقد ، أن يعذرالمدين مطالبا أياه بالتنفيذ ، و قد نص صراحة في المادة 119 الفقرة الأولى من القانون المدني على ضرورة هذا الإعذار : " في العقود الملزمة للجانبين ، إذا لم يوفى أحد المتعاقدين بإلتزامه جاز للمتعاد الآخر بعد إذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه ، مع التعويض في الحالتين إذا أقتضى الحال ذلك ".
ـ و مع ذلك ، ( في بعض الحالات ) ، لا ضرورة للإعذار ، مثلا :
ـ إذا أصبح تنفيذ الإلتزام غير ممكن بفعل المدين
ـ بفوات ميعاد مثلا
ـ أو كان محله إمتناعا عن العمل أتاه ( أو قام به ) المدين
ـ أو إذا صرح المدين عتابه أنه لا يريد القيام بإلتزامه .
ـ يجب التوضيح أنّ : فإذا ما رفع الدائن دعوى الفسخ ، فإنّ الحكم بالفسخ لا يكون حتميا ، بل يكون هناك خيار بين الفسخ و التنفيذ .
ـ و هذا الخيار يكون لكل من الدائن ، و المدين ، و القاضي .
ـ فللدائن / ـ بعد أن يرفع دعوى الفسخ : أن يعدل ( قبل الحكم به ) إلى طلب التنفيذ ( عينيا أو بمقابل).
ـ كما أنه ، له إذا كان قد رفع دعوى بطلب التنفيذ ، أن يعدل عنه إلى طلب الفسخ.
ـ و للمدين / ـ قبل الحكم النهائي بالفسخ : أن ينفذ إلتزامه ( ) ( فيتجنب الحكم به ، حين لا يبقى أمام القاضي إلا أن يقدر ما إذا كان نهائي هناك محل للحكم بالتعويض على المدين لتأخيره في تنفيذ إلتزامه).
ـ و القاضي /ـ إزاء طلب الفسخ ، سلطة تقديرية قررتها له المادة 119 الفقرة 2 من القانون المدني التي بمقتضاها " و يجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا حسب الظروف ، كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف له المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى كامل الإلتزامات ".
) ـ الفسخ الإتفاقي : ( أو الفسخ بالإتفاق ) 2
ـ حسب المادة 120 من القانون المدني : " يجوز الإتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخا بحكم القانون عند عدم الوفاء بالإلتزامات الناشئة عنه بمجرد تحقيق الشروط المتفق عليها و بدون حاجة إلى حكم قضائي، و هذا الشرط لا يعفي من الإعذار ، الذي يحدد حسب العرف عند عدم تحديده من طرف المتعاقدين ".
( هذا الإتفاق يسمى " الشرط الفاسخ الصريح " تمييزا له عن الفسخ القضائي الذي على فكرة " الشرط الفاسخ الضمني "
ـ و بالإتفاق الأول ( الشرط الفاسخ الصريح ) يقع الفسخ بمجرد تحقق الشرط ، فيتجنب العاقدان به تدخل القاضي في تقرير الفسخ ، الذي يقع بتحقيق الشرط ، من تلقاء نفسه .
ـ و في هذه الحالة ( الإخلال بالتزام ) لا يملك القاضي سوى الحقق من إخلال المدين بالتزامه ، و الحكم بوقوع الفسخ نتيجة لتحقيق الشرط.
ـ و في ذلك رفع عن المدين لتلك الحماية التي يوفرها له الفسخ القضائي بالخيار الذي يقرره له بين الفسخ و التنفيذ ، و بالسلطة التقديرية التي منحها للقاضي إزاء طلبه.
ـ يجب التوضيح أنّ هذا الفسخ بالإتفاق لا يعفي من الإعذار ( المنصوص عليه في المادة 120 من القانون المدني أعلاه ) ، إلاّ إذا اتفق الطرفان صرحة على الإعفاء منه . في هذه الحالة الإتفاق
يحل محل حكم الفسخ ( بعبارة أخرى هذا الإتفاق على الإعفاء من الإعذار ، يقرر الفسخ .
المطلب الثالث : أثار الفسخ
حسب المادة 122 من القانون المدني : " إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ، فإذا استحال ذلك جاز للمحكمة أن تحكم بالتعويض "
ـ و على ذلك يترتب على الفسخ ( القضائي ـ أو الإتفاقي ) زوال العقد يرتد أثاره إلى وقت إبرامه، و يعاد العاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل قيامه.
( الآثار ) ـ فيما بين العاقدين : يزول العقد بأثر رجعي ( المادة 122 من القانون المدني التي تنص " إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ، فإذا استحال ذلك جاز للمحكمة أن تحكم بالتعويض ".
ـ فإذا استحالت إعادة العاقدين إلى ما كانا عليه قبل العقد ، فيحكم بالتعويض لصالح طالب الفسخ و هذا حسب المادة 122 من القانون المدني المشار إليه أعلاه .
( الأثار ) ـ أمّا بالنسبة للتغيير : فالفسخ ( كالبطلان ) يجاوز أثره العاقدين إلى الغير.
الفصل الثاني : الدفع بعدم التنفيذ
تعريف : الدفع بعدم التنفيذ هو حق كل عاقد ( في العقد الملزم للجانبين ) ، إذا ما طلبه العاقد الآخر بتنفيذ إلتزامه ، أن يمتنع عنه إلى أن يقوم هذا الأخير بتنفيذ ما التزم به .
حسب المادة 123 من القانون المدني : " في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الإلتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يتمتع عن تنفيذ إلتزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به.
إذا يجب لا مكان التمسك بالدفع ( بعدم التنفيذ) أن يكون الإلتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه مستحق الوفاء ، أو في عبارة أخرى واجب التنفيذ من وفوره.
ـ فلا يجوز الدفع بعدم التنفيذ في بعض الحالات : مثلا :
ـ عندما يتفق العاقدان ، ( أو تجرى العادات ) على أن ينفذ أحد العاقدين إلتزامه قبل الآخر ( كعامل أو صاحب الفندق يقدم عمله أو خدماته لصاحب العمل أو للعميل قبل أن يتقاضى أجرة العمل أو ثمن الخدمات).
ـ و يجب في النهاية أن يكون العاقد ( في التمسيك بالدفع ) حسن النية.
الفصل الثالث / أسباب العقد الأخرى : ( أو إنحلال العقد
يقصد بإنحلال العقد زواله ، بعد إبرامه ، و الإنحلال يتعلق بعقد نشأ صحيحا ثم يزول باثر رجعي : كالفسخ ـ و الإلغاء ـ بالإرادة المنفردة ـ و التقابل ـ و الرجوع ـ و الإبطال و من ثم يختلف الإنحلال عن : الإنقضاء.
في الإنقضاء : يزول العقد بالتنفيذ ( أو بوفاة المدين إذا كانت شخصية هذا الغخير محل إعتبار ) أو بإنتهاء المدة.
ـ الإلغاء بالإدارة المنفردة : 1
ـ عندما يرخص القانون أو العقد نفسه ـ فيمكن أن ينحل العقد ( دون أثر رجعي ) بإلغائه بإرادة أحد طرفيه مثلا : في العقود الغير محددة المدة ( أو العقود تازمنية ) كعقد الإيجار أو عقد العمل ، أو عقد الشركة ـ إذا أبرمت لمدة غير محددة .
ـ ( أو إذا تقرر بنص في القانون ـ لأحد طرفيه ـ حق إلغائه بإرادته المنفردة.
2ـ الإقامة ( أو التقابل) :
ـ ينحل العقد ـ في كل الأحوال ـ بإتفاق طرفيه ـ فالإرادة المشتركة التي أنشأت العقد قادرة في كل وقت على إلغائه.
بصفة عامة لا يوجد ما يمنع الإتفاق على أن يكون إلإلغائه بأثر رجعي ( لكن لا يمكن على كل حال ـ أن يمس هذا الأثر الرجعي بحقوق الغير )
3 ـ الرجوع ( أو رجوع المتعاقد بإرادته المنفردة )
في الحقيقة قانون العقد ينتفي و الرجوع ، و لهذا فالرجوع لا يجوز قانونا إلا في الهبة و تحت بعض الشروط