على بعد ثلاثين كيلومترا من باريس توجد مدينة دزني لاند، والتي افتتحت في عام 1993م، وكانت أول مشروع سياحي لدزني في أوروبا، بعد مغامرتهم الناجحة في اليابان. وتعتبر مدينة دزني أحد المعالم السياحية المتميزة في باريس وأوروبا على الإطلاق، وتستقبل ملايين السياح، وتفوق بعدد السياح معالم فرنسا الشهيرة للسياح (متحف اللوفر وكنيسة نونردام) من حيث زيارات السياح لها، فقد زارها في العام الماضي ما يزيد عن 12 مليون زائر، ويزداد هذا الرقم كل عام.
سياحة أمريكية في فرنسا
على الرغم من وجود هذا المنتجع السياحي في فرنسا بلد الحضارة والثقافة، وهي من أشد الدول محافظة على تراثها الثقافي أو الفكري، إلا أن التواجد الفرنسي مفقود في هذه المدينة، فكلها بأفكارها أمريكية الصنع والثقافة، حتى الأكل داخل هذه المدينة هو أمريكي صرف، على الرغم من شهرة المطبخ الفرنسي، إلا أن الهامبرجر والدجاج المقلي والبطاطا هي المأكولات الدارجة، بدلا من الخبز الفرنسي والجبن الذي تتميز بهما شوارع باريس وفرنسا على العموم. بل إن أسماء المطاعم والشوارع في المدينة تعود مرة أخرى إلى التذكير بأمريكا، فهناك مطعم منهاتن، وفندق نيويورك .. وهكذا تستمر التسميات الأمريكية. أما اللغة الدارجة فهي الفرنسية والإنجليزية، ولن يجد السائح مشكلة لغات في هذه المدن السياحية، ففرنسا فيها آلاف المهاجرين الذين يتكلمون كل لغات العالم، ويعملون في هذه المدينة الساحرة. وكانت هذه هي سياسة شركة دزني في المحافظة على الطابع الأصلي للمدن السياحية في كل من فلوريدا وكلفورنيا وطوكيو، لذا فلن يجد السائح اختلافا في الثقافة المصبوغة بالصبغة الأمريكية في زيارته لأي من مدن دزني لاند. وهذه المدينة - في باريس- صغيرة مقارنة بمدن دزني الأخرى، لانها حديثة، وسيتم افتتاح إضافة كبيرة لها في عام 2002م بفتح جناح استديو دزني، وسيكون مركز جذب جديد للسياح، ذلك لأن كل مشروع من هذه المشاريع هو كبير في فكرته وحجمه وعمله ويستحق الزيارة، وتحسن العودة مرة أخرى إلى دزني لمن رآها سابقا.
مدينة متكاملة
مدينة دزني مدينة متكاملة، تكلفة إنشائها بلغت مئات الملاين من الدولارات، ففيها بجانب الألعاب المشوقة والبحيرات المصنوعة سبعة فنادق تديرها وتشرف عليها إدارة هذه المدينة العجيبة، وهذه الفنادق تتدرج حسب مقدرة السائح، ففيها الفنادق الفخمة والغالية، وفيها الفنادق العادية، ولكنها ذات درجة عالية في الخدمة واحترام العميل، وهي تستقبل السائح أيا كان وضعه المادي طالما هو يحمل لقب سائح، لديه بعض النقود ليصرفها وينفقها على التمتع ببعض الوقت في باريس. وزوارها من كل أرجاء الأرض، ولكن الغالبية من فرنسا، فإن 40% من زوار المدينة من الفرنسيين، ويليهم البريطانيون الذين يمثلون 15% من زوار المدينة، يليهم الألمان الذين يمثلون 7% ، وأما البقية فانهم سياح آخرون من كل بقاع الأرض. أما المطاعم فهي كثيرة ومنوعة، ولو أن أغلبها تقدم الوجبات السريعة، لأن أكثر الزائرين لها هم من الشباب. وتفتخر هذه المطاعم بأنها قدمت ما يزيد عن 28 مليون وجبة في العام الماضي، أي بمعدل 15000 وجبة يوميا، مما يجعلها أكبر مجموعة مطاعم في العالم.
ألعاب بالجملة
تعتمد هذه المدن السياحية على تقديم العجائب والدهشة والروعة للزائر، لذا فإن الإبداعات ليست في تقديم الخدمة بقدر ما تقدم الدهشة والجديد للزائر، وعلى الرغم من أن بعض هذه الألعاب عنيفة ومخيفة، إلا أن لها عشاقا وزوارا، فهناك العربات السريعة والمتقلبة، والتي تنطلق إلى مرتفع عال وتسقط بسرعة مخيفة، وتنتهي اللعبة والمشاركة فيها خلال دقيقة واحدة، ولكنها عمر طويل على راكبها، وكثير من الركاب يخرج وهو فزع وخائف مما حدث له. وهناك تحديات عقلية كثيرة، فإن السينما المجسمة أمر لا بد من زيارته في هذه المدينة، حيث يجد السائح نفسه داخل قاعة السينما، ولكن المشاهد تختلف عما هو مألوف في غيرها من قاعات السينما، فيلبس الزائر نظارات خاصة يشاهد الأفلام مجسمة، ويرى الطيور وهي تطير وكأنها تعبر من فوق رأسه، ويرى الفئران وكأنها تدخل تحت المقعد الذي يجلس عليه. إنها بلد العجائب.
الانتظار الطويل!
إن يوما واحد لا يكفي لزيارة هذه المدينة، وهي تقدم خدماتها على أساس ان هناك تذكرة دخول شاملة، ويتنقل السائح حيثما شاء، ففيها الكثير من المحطات السياحية التي يحب الجميع أن يعيشوا بها، ولكن هناك مشكلة الانتظار الطويل الذي يصاحب كل محطة من هذه المحطات فقد يستغرق الانتظار لمدة ساعة للمشاركة في ركوب إحدى الألعاب لمدة دقيقتين، وهذا ما يعيب مثل هذه المدن السياحية، ولكن الإجابة على هذا الامتعاض، أن الزائر لهذه الأماكن هو سائح يتمتع بوقته، وليس قادما لينهي عملا ما، فالانتظار الطويل هو جزء من المتعة، وجزء من التشويق الذي يرافق هذه الألعاب، بالوقوف صفا مع آخرين من كل أنحاء العالم ليمروا بتجربة واحدة ويشاركوا في لعبة مرح واحدة. وقد أدخلت الإدارة نظاما جديدا وهو المرور السريع حيث يمكن بترتيب خاص حجز الموعد لساعة معينة، ويجب الحضور في الموعد المحدد لركوب هذه الألعاب بدون الانتظار في الصفوف الطويلة.