وهو الملك الموكل بركن
الممات ، له جهة و أجنحة عقلانية يطير بها في الجهات العقلية و يتبعه في تلك الجهات
أعوانه المجانسون لها ، و له جهة و أجنحة نفسانية يطير بها في الجهات النفسية و
يتبعه في تلك الجهات أعوانه المجانسون لها ، و له جهة و أجنحة جسمانية يطير بها في
الجهات الجسمية و يتبعه في تلك الجهات أعوانه المجانسون لها ، فهذه ثلاثة أركان
لعزرائيل عليه السلام يتصرف بها كما أمره الله تعالى في العوالم الثلاثة : عالم
الملكوت ، و عالم الجبروت ، عالم الملك .
ووجهه عليه السلام مقابل اللوح المحفوظ
، له أعوان بعدد من يموت ، و الخلق كلهم بين عينيه ، لا يقبض روح مخلوق إلا بعد أن
يستوفي رزقه و ينقضي أجله .
قال رسول الله صلى الله عليه و آله : لما أسري بي
إلى السماء رأيت في السماء الثالثة رجلاً ، رجل له في المشرق و رجل له في المغرب ،
و بيده لوح ينظر فيه و يحرك رأسه ، قلت : يا جبرائيل من هذا قال : ملك الموت .
و
عنه صلى الله عليه و آله قال : يا أبا ذر لما أسري بي إلى السماء مررت بملك جالس
على سرير من نور على رأسه تاج من نور و إحدى رجليه في المشرق و الأخرى في المغرب
بين يديه لوح ينظر فيه ، و الدنيا كلها بين عينيه ، و الخلق بين ركبتيه ، و يده
تبلغ المشرق و المغرب فقلت : يا جبرائيل من هذا ، فما رأيت من ملائكة ربي جلّ جلاله
أعظم خلقا منه ؟ فقال : عزرائيل ملك الموت ، أدن فسلم عليه ، فدنوت منه فقلت سلام
عليك حبيبي ملك الموت فقال : و عليك السلام يا أحمد ، و ما فعل ابن عمك علي بن أبي
طالب عليه السلام ، فقلت : و هل تعرف ابن عمي ؟ قال : و كبف لا أعرفه ، فإن الله
جلّ جلاله وكلني بقبض الأرواح ما خلا روحك و روح علي بن أبي طالب ، فإن الله
يتوفاهما بمشيئته.
و في بعض صفات عمل ملك الموت عليه السلام ، قال أبو عبدالله
عليه السلام : ما من اهل بيت شعر و لا وبر إلا و ملك الموت يتصفحهم في كل يوم خمس
مرات .
و عنه عليه السلام قال : إن الميت إذا حضره ملك الموت أوثقه ملك الموت
ولو لا ذلك ما استعر .
و في بعض الأخبار : ان الله خلق شجرة فرعها تحت العرش
مكتوب على كل ورقة من ورقها اسم عبد من عبيده ، فإذا جاء أجل عبد سقطت تلك الورقة
التي فيها اسمه في حجر ملك الموت فأخذ روحه في الوقت .
و سئل أبي عبدالله عليه
السلام : جعلت فداك يعلم ملك الموت بقبض من يقبض ؟ قال : لا إنما هي صكاك تنزل من
السماء إقبض نفس فلان بن فلان .
و في بعض الأخبار أن الدنيا كلها بين يدي ملك
الموت كالمائدة بين يدي الرجل يمد يده إلى ما شاء منها ، فيتناوله و يأكل ملأ
الدنيا مشرقها و مغربها برّها و بحرها ، و كل ناحية منها أقرب إلى ملك الموت من
الرجل على مائدته ، و أن معه أعوانا الله أعلم بعدتهم ، ليس منهم ملك إلا لو أذن له
أن يلتقم سبع السموات و الأرضين السبع في لقمة واحدة لفعل ، و أن غصّة من غصص الموت
أشد من ألف ضربة بالسيف ، و كل ماخلق الله عز و جل يتركه إلى الأجل ، فإنه موقت
لوفاء العدة و انقضاء المدة .
و في كيفية قبضة لروح المؤمن ، عن ابي جعفر عليه
السلام قال : حضر رسول الله (ص) رجلاً من الأنصار و كانت له حالة حسنة عند رسول لله
فحضره عند موته ، فنظر إلى ملك الموت عند رأسه ، فقال له رسول الله : إرفق بصاحبي
فإنه مؤمن ، فقال له ملك الموت : يا محمد طب نفساً و قرّ عيناً فإني بكل مؤمن رفيق
شفيق ، و اعلم يا محمد إني لأحضر ابن آدم عند قبض روحه ، فإذا قبضته صرخ صارخ من
أهله ، عند ذلك فأتنحى في جانب الدار و معي روحه ، فأقول لهم و الله ما ظلمناه و لا
سبقنا به أجله و لا استعجلنا به قدره ، و ما كان لنا في قبض روحه من ذنب ، فإن
ترضوا بما صنع الله و تصبروا تؤجروا و تحمدوا ، و إن تجزعوا و تسخطوا تأثموا و
تؤزروا ، و ما لكم عندنا من عتبى ، و أن لنا عندكم أيضا لبقية و عودة فالحذر الحذر
، فما من أهل بيت مدر و لا شعر في برّ و لا بحر إلا و أن أتصفحهم في كل يوم خمس
مرات عند مواقيت الصلاة ، حتى أنا لأعلم منهم بأنفسهم ، ولو أني يا محمد أردت قبض
نفس بعوضة ما قدرت على قبضها حتى يكون الله هو الآمر بقبضها ، و إني لملقن المؤمن
عند موته شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله .
و عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : قال رسول الله (ص) : إذا أراد الله تبارك و تعالى قبض روح عبده
المؤمن ، قال : يا ملك الموت انطلق أنت و أعوانك إلى عبدي ، فطالما نصب نفسه من
أجلي ، فأتني بروحه لأريحه عندي ، فيأتيه ملك الموت بوجه حسن ، و ثياب طاهرة ، و
ريح طيبة ، فيقوم بالباب ، فال يستأذن بوابا ، و لا يهتك حجابا و لا يكسر بابا ،
معه خمسمائة ملك أعوان ، معهم طنان الريحان ، و الحرير الأبيض ، و المسك الأزفر ،
فيقولون : السلام عليك يا ولي الله ، أبشر فإن الرب يقرؤك السلام ، أما أنه عنك راض
غير غضبان ، و أبشر بروح و ريحان و جنة نعيم ، قال : أما الروح فراحة من الدنيا و
بلواها ، و أما الريحان من كل طيب في الجنة ، فيوضع على ذقنه فيصل ريحه إلى روحه ،
فلا يزال في راحه ختى يخرج نفسه ، ثم يأتيه رضوان خازن الجنة ، فيسقية شربة من
الجنة لا يعطش في قبره ، و لا في القيامة حتى يدخل الجنة ريّاناً ، فيقول يا ملك
الموت ردّ روحي حتى تثني روحي على جسدي ، و جسدي على روحي ، قال : فيقول ملك الموت
: ليثن كل واحد منكما على صاحبه ، فتقول الروح جزاك الله من جسد خير الجزاء لقد كنت
في طاعة الله مسرعاً و عن معاصيه مبطئاً فجزاك الله عني من جسد خير الجزاء ، فعليك
السلام إلى يوم القيامة ، و يقول الجسد للروح مثل ذلك ، فيصيح ملك الموت أيتها
الروح الطيبة أخرجي من الدنيا مؤمنة مرحومة مغتبطة ، : فرقّت به الملائكة و فرّجت
عنه الشدائد و سهلت له الموارد ، و صار لحيوان الخلد ، قال : فبعث الله له صنفين من
الملائكة غير القابضين لروحه فيقومون سماطين ما بين منزله إلى قبره ، يستغفرون له و
يشفعون له ، قال : فيعلّله نلك الموت ، و يمنّيه و يبشره عن الله بالكرامة و الخير
كما يخادع الصبي أمه تمرخه بالدهن و الريحان و باقء النفس ، و تفديه بالنفس و
الوالدين ، قال : فإذا بلغت الحلقوم ، قال الحافظان اللذان معه يا ملك الموت إرأف
بصاحبنا و أرفق ، فنعم الأخ كان و نعم الجليس ، لم يمل إلينا ما يسخط الله قطّ ،
فإذا خرجت روحه خرجت كالنخلة بيضاء وضعت في مسكة بيضاء ، و من كل ريحان في الجنة ،
فأدرجت إدراجا ، و عرج بها القابضون إلى السماء الدنيا ، قال فيفتح له أبواب السماء
و يقول لها البوابون : حيّاها الله من جدس كانت فيه ، لقد كان يمرّ له علينا عمل
صالح ، و نسمع حلاوة صوته بالقرآن ، قال : فيبكي له أبواب السماء و البوابون لفقدها
، فتقول : يا رب قد كان لعبدك هذا عمل صالح و كنا نسمع حلاوة صوته بالقرآن ، و
يقولون اللهم ابعث لنا مكانه عبدا صالحا يسمعنا ما كن يسمعنا و يصنع الله ما يشاء ،
فيصعد به إلى عيش رحب ، به ملائكة السماء كلهم أجمعون ، و يشفعون له و يستغفرون له
، و يقول الله تبارك و تعالى : رحمتي عليه من روح ، و تلقاه أرواح المؤمنين كما
يلتقي الغائب غائبه ، فيقول بعضهم لبعض : ذروا هذه الروح حتى تفيق فقد خرجت من كرب
عظيم ، و إذا هو استراح أقبلوا عليه يسألونه و يقولون ما فعل فلان بن فلان -- و في
نسخة فلان و فلان -- و إن كان قد مات بكوا و استرجعوا و يقولون ذهبت به أم الهاوية
فإنا لله و إنا إليه راجعون ، قال : فيقول الله ردوها على قبره فمنها خلقتهم و فيها
أعيدهم و منها أخرجهم تاره أخرى