بداية أود أن أنوه
إلي أن بعض المسلمين يفضل أن يضرب صفحاً عن الخوض في تلك المسألة الشائكة
(أو كما يسميها بعض هؤلاء المسلمين فضلاً عن غيرهم)، وبقليل من التأمل
فسوف يتبين لكل منا إن شاء الله أنها ليست شائكة علي الإطلاقً، فالله
تعالي هو الذي قد خلق المرأة، وهو أعلم بها من غيره سبحانه، وهو حق وعدل
ومنزه عن الظلم، فإذا ما وضعنا تلك الاعتبارات الهامة أثناء دراسة ذلك
الموضوع نصب أعيننا لوضحت الرؤيا أمامنا بجلاء تام ولوضعنا الأمور في
نصابها الحقيقي دون غلو أو مغالاة، ولتبين لنا مدي عظمة ديننا الحنيف، كما
سوف يتبين لنا أن كلمة (واضربوهن) وحدها تدل علي إعجاز في القرآن في حد
ذاتها!!
ومن عجب العجاب أننا نجد أن أعداء الإسلام يغضون الطرف عن تكريم الإسلام
العظيم للمرأة وإعلاء شأنها ومكانتها ناسين أو متناسين أن الإسلام هو
الدين الوحيد الذي يحرص دوماً علي رفعة المرأة وتكريمها والحرص كل الحرص
علي حفظ كرامتها.
إن أول ذريعة يتخذها هؤلاء الأعداء الألداء هي النظرة السطحية البحتة
لظاهر الآية رقم (34) من سورة النساء والتي تتكلم عن ضرب المرأة كآخر
وسيلة من وسائل العقاب التأديبي متغافلين عن استنكار الإسلام وتنديده لوأد
البنات مثلا، فيقول الله تعالي:
(وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ*بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) (التكوير 8، 9).
وأن الإسلام كذلك قد حرر المرأة من الرق الذي كانت سادرة في ربقته في
غياهب العصور المظلمة حتي ظهور ذلك الدين الحنيف، والحقيقة فإن الإسلام
يشنأ عليه خصومه والكثير من أتباعه علي حد سواء.... فبالنسبة لخصومه
(فبنظرتهم إليه بعين الكراهية وتصيد الأخطاء المزعومة)، أما بالنسبة
للكثير من أتباعه (فبنظرتهم إليه بعين القصور والجهل).
وسوف نوضح الآن بعض الأمثلة مما قاله بعض الذين اجتهدوا في تفسير الآية،
فمنهم من نسب أفعالاً مفتراة للرسول صلي الله عليه وسلم وهو منها براء،
ومنهم من أدلي بدلوه من واقع استنطاق الآيات التي تحتوي علي لفظة (الضرب
ومشتقاتها)، وقد نسي هؤلاء الأفاضل أن القرآن يفسر أيضاً في ضوء الحقائق
العلمية الثابتة التي لا تعرف التأويل أو التغيير.
1- يقول البعض في شرح الآية بعد أن قام بإحصاء كلمة الضرب ومشتقاتها علي
مستوي الجذر في القرآن، وكذلك بعض معانيها في القواميس العربية، واستخلص
فقط في النهاية أن معني الضرب مجرد تحريك الشئ من نقطة إلي أخري، وعليه
فقد استنتج الآتي:
فإذا كان الهجر في المضاجع هو حركة في داخل البيت فإن ضربهن يمثل حركة في
خارج البيت بأن يخرج الناشز من بيت الزوجية إلى بيت أبيها أو من يقوم
مقامه فإما أن تهذب طباعها وإما أن يكون ذلك الخروج تمهيدا لتطليقها.
ولو كان الأمر كذلك كما تفضل بقوله السابق، إذن فلماذا لم يذكر الله ذلك
في القرآن صراحة؟....فهل القرآن عبارة عن ألغاز مقصور فهمها علي الفقهاء
الذين يدرسون اللغة العربية فقط حتي في بديهية بسيطة كهذه؟؟
2- وهناك أيضاً من يقول مستدركاً في شرح نفس الآية رداً علي النوع الأول:
ويستمر في الوعظ فان لم ينجح فعليه هنا أن يهجر فى الفراش وهو أقسى ما
يمكنه ان يفعله لحل تلك الاشكالية فى بيته بدون علم الآخرين هنا إذا لم
ينجح هذا العقاب فعليه ضربها أى إعلانها بدلالة ضرب الأمثال أى إعلانها
وتأتى الآية 35- التالية لهذه الآية فتوضح هذا الإعلان وخروج المشكلة من
البيت وإعلانها للأهل (وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما
من أهلها ان يريدا أصلاحا يوفق الله بينهما ان الله كان عليما خبيرا).
وهذا أيضاً تفسير في منتهي الغرابة، ولو أراد الله هذا المعني لقاله
مباشرة بلا مواراة أو مداراة، فلم يكن الله تعالي ليستخدم هذا الأسلوب مع
عباده، وكيف ذلك؟!
ولي بعض الملحوظات علي تعليق الأعضاء الثلاثة الأفاضل:
أولاً: إن جميع التكاليف التي كلفنا الله بها في القرآن الكريم قد أمرنا
بها صراحة وبدون تورية حيث لا عذر لأحد حين يقيم علينا حجته العادلة يوم
القيامة، وهذا أهم مقتضيات العدل الإلهي (باستثناء الصلاة طبعاً، فهي من
قبيل السنة العملية المتواترة والمكلفين بها والتي وصلتنا بلا أدني ريب أو
مراء).
ثانياً: لو كان معني الآية هو نفس ما قاله الأعضاء الأفاضل المذكورين لظل
القرآن غامضاً طيلة أربعة عشر قرناً علي جهابذة المسلمين فضلاً عن عوامهم،
حتي يأتي بعض المسلمين بعد هذه الفترة السحيقة ليقولوا معني آخر يخالف
المعني البديهي للآية والذي لا يحتمل أي تأويل أو بحث، فهل هذا معقول؟ إن
الدين لم يقتصر فهم أساسياته علي خاصة الناس فقط بل وعوامهم أيضاً، إن
الله تعالي قد يسر القرآن للذكر فقال سبحانه:
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) (القمر 17، 22، 32، 40)
أي أن هذه الآية الكريمة قد ذكرت في القرآن أربع مرات، وقد يكون ذلك علي
سبيل التوكيد، فإن تيسير الله القرآن ليذكره عباده بات مؤكداً حتي لا يأتي
أحد يوم القيامة مدعياً صعوبته أو عدم فهمه، وهذا من منن الله علينا
جميعاً.
ونلاحظ أن التفاسير السابقة للآية إنما تنم عن استنكار هؤلاء المفسرين
لبشاعة عقوبة الضرب (الظاهرة فقط) بالنسبة للمرأة كما قد يُفهم (ظاهرا)،
لذا فإنهم قد قاموا بعملية تجميل حتي يضفوا علي الآية لطائف لم تكن موجودة
فيها، وقد قاموا بلي أعناق الآية وتحميلها ما لا تطيق، وهذا بالطبع ناتج
عن نواياهم الحسنة جميعاً، فكلهم مسلمون يغارون علي دينهم، ويحاولون أن
يدفعوا عنه ما يعتقدون أنه يسئ له، وهذه ظاهرة صحية يتمتع بها المؤمن دون
غيره، ولكن أُذَكِّرَهم أنه كان من الواجب عليهم أن يبحثوا الموضوع من
جميع جوانبه، وأن يقرأوا القرآن جيداً فيما يتعلق بهذا الموضوع الجاد
الخطير الذي تتناوله التيارات غير الإسلامية بكافة طوائفها ومللها طاعنة
في الإسلام بجهل مطبق قد يجعل من يغارون علي دينهم (ممن ليس عندهم علم
كاف) أن يدافع عن الإسلام بجهل، وبالطبع فلا يمكن دفع الجهل بجهل أكبر
منه!!.....ولعل من أهم الأخطاء المنهجية التي وقعوا فيها أنهم قد اقتطعوا
كلمة (واضربوهن) من الآية أو ربما اقتطعوا الآية بأكملها من جملة الآيات
السابقة واللاحقة لها، الأمر الذي أدي إلي تفريغها من محتواها الدلالي
الذي تشرحه الآيات جملة واحدة.
وسوف نتطرق الآن لعدة حقائق ومفاهيم هامة تزيد الأمور إيضاحاً بأن جميع
الأديان المحرفة والأرضية، والقوانين الوضعية القديمة كانت تزدري المرأة
أيما ازدراء، وتعتبرها رجساً من الشيطان، حتي يتبين لنا جميعاً صدق القرآن
وإعجازه، وإتيانه بالكلمة الأخيرة فيما يتعلق بعلم وتشريع
وأخلاق.......الخ.
المفهوم الأول: ازدراء الأديان المحرفة والمجتمعات القديمة للمرأة:
1- ازدراء المسيحية للمرأة:
واضح أن الإنجيل يحمل الرقة والوداعة للمرأة في ظاهره، شفيق بها، يحميها
من ظلم الرجال، لذا فليس بغريب أن نجد المسيحيين يستنكروا ضرب المرأة في
الإسلام بشدة، ويقولون (ما هذه البشاعة؟؟....ما هذه الغلظة والشناعة؟؟)،
إن الدين المسيحي لأرحم بكثير من ذلك، ألم يقل في رسالة بولس إلي كورنثوس:
(يا أيها الرجال أحبوا نساءكم، ولا تكونوا قساة عليهن)؟؟!!!!
(أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضاً الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها) (أفسس 5: 25).
والحقيقة بالطبع غير ذلك إطلاقاً، فالمرأة ليست مصونة المقام في المسيحية
إطلاقاً، وبالطبع فليست مهيضة الجناح في الإسلام كما قد صور هؤلاء النصاري
بطريقة سطحية متعمدة، وقد تكتموا علي عشرات البلايا عندهم، ثم القفز إلي
مراجع الآخرين لتصيد ما يروق لهم من تدليس وتزييف).
2- التفرقة العنصرية في المسيحية المتأخرة:
إذا طالعنا الإنجيل فسنجد أن الرسول عيسي عليه السلام يُعامل المرأة بلا تفرقة تذكر بينها وبين الرجل.
أما ما جاء عن بولس فقد كرس للتفرقة، فيقول مثلاً:
"ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة بل المرأة من أجل الرجل" (كو 11: 9).
"وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي" (تيموثاوس 2: 14).
"لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذوناً لهن أن يتكلمن بل يخضعن" (كو 14: 34).
• وفي القرن الخامس الميلادي أجمعت المسيحية علي أن المرأة عدا أم المسيح
لن تنجو من عذاب جهنم، وكانوا إلي ذلك الحين يتساءلون ما إذا كانت المرأة
تعد إنساناً أم غير إنسان؟!!
• وفي عام 586 ميلادية عقد مؤتمر لبحث إنسانية المرأة، ثم قرر المؤتمر
بأغلبية صوت واحد بأن المرأة إنسان خلق لبحث إنسانية المرأة، ثم قرر
المؤتمر بأغلبية صوت واحد بأن المرأة إنسان خلق لخدمة الرجل، وبعد ظهور
البروتستانت في القرن السادس عشر عقد اللوثريون مؤتمراً في وتنبرج لبحث
إنسانية المرأة مرة أخري!!!!
• وقد انعكست هذه الصورة القاتمة للمرأة علي القوانين المدنية والتي كانت
تُفرض غير بعيد عن رأي القسس والأساقفة، فقد بقيت المرأة في القانون
الإنجليزي تباع من زوجها لآخر بست بنسات، واستمر هذا القانون سارياً حتي
عام 1805 ميلادية، فيما اعتبر قانون الثورة الفرنسية المرأة قاصراً كالصبي
والمجنون، واستمر ذلك حتي عام 1938 ميلادية.
إذن نستطيع أن نقول إن المرأة في المسيحية مهانة لأقصي درجة، وإن كانت أحسن حظاً من المرأة في اليهودية كما سوف نري.
3- التفرقة العنصرية في اليهودية:
وتبدو جلية ومبررة منذ أن خلقها الله (حواء) كما جاء ذلك بالكتاب المقدس،
فاستحقت تشريعاً إلهياً مخزياً لكونها هي التي بدأت بالمصيبة، فأكلت من
الشجرة المنهي عنها، وأغوت آدم بالأكل مثلها من الشجرة:
(فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل) (تك 3: 6).
(فقال آدم المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت) (تك 3: 12).
وعليه فقد عوقبت المرأة الأولي بعقوبات عدة منها تسلط الرجل عليها:
(وقال للمرأة تكثيراً أكثر أتعاب حبلك بالوجع تلدين أولاداً وإلي رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك) ( تك 3: 16).
ثم رسخت هذه القصة لتطول كل النساء من بعد، فنجد:
(من المرأة ابتدأت الخطيئة وبسببها نموت نحن أجمعون) (سيراخ 25: 33).
ثم نجد بعد ذلك أن المرأة في الكتاب المقدس رمزاً للشرور والخطايا!!
(فوجدت أمرّ من الموت: المرأة التي هي شباك، وقلبها أشراك، ويداها قيود،
الصالح قدام الله ينجو منها أما الخاطئ فيؤخذ بها) (ج 7: 26).
(فإنه من الثياب يتولد السوس ومن المرأة الخبث) (سيراخ 42: 13).
وقد ضرب بها المثل في الخبث والخيانة والانحراف.....الخ:
(ولا غضب شر من غضب المرأة مساكنة الأسد والتنين خير عندي من مساكنة المراة الخبيثة) (سيراخ 25: 23).
(خبث المرأة يغير منظرها ويرد وجهها أسود كالمسخ) (سيراخ 25: 24).
(لا تسلم نفسك إلي المرأة لئلا تتسلط علي قدرتك) (سيراخ 9: 2).
(حقاً أنه كما تخون المرأة قرينها هكذا خنتموني يا بيت إسرائيل يقول الرب) (أرميا 3: 20).
(زني المرأة في طموح البصر ويعرف من جفنيها) (سيراخ 26: 12).
كما تم تشريع حرية اغتصاب الأبكار في حال الحروب، ففي سفر العدد نجد أن
كاتب السفر الكذاب يقول إن موسي عليه السلام يقول لشعبه من بني إسرائيل:
(فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة عرفت رجلاً بمضاجعة ذكر
اقتلوها، لكن جميع الأطفال من النساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر ابقوهن
لكم حيات).
أما بعد، فإن هذا غيض من فيض، ولو أطلت لملأت مجلدات كلها ازدراء للمرأة ووصفها بأنها مجرد حيوان أو ربما أقل.
• نماذج بسيطة من اضطهاد المرأة وازدرائها في العصور المختلفة:
1- التفرقة العنصرية في اليونانية:
هو: أن المرأة الأولي (واسمها: باندورا، هي ينبوع جميع الآلام للإنسان
ومصائبه، فباندورا والذي يعني بحسب الأساطير اليونانية القديمة "جميع
العطايا" هي أول امرأة صنعها إله الحدادة هيفاستيوس بأمر من زيوس (كبير
الآلهة)، ووهبها كل الخير الذي كان موجوداً بغرض إهدائها إلي الناس،
وأعطتها أفروديت بعضاً من جمالها ورشاقتها، وقد أعطاها زيوس صندوقاً
مقفلاً ومربوطاً بشريط جميل وجعلها حارسة عليه، وأمرها ألا تفتحه، غير أنه
استبد بها الفضول لتعرف ما في ذلك الصندوق الثقيل ففتحته، فإذا بجميع
الشرور تنقضّ هاربة من الصندوق وتنتشر في جميع الأرض، فأسرعت بإقفال
الصندوق الذي بقي شئ واحد فيه وهو الأمل.
راجع: معجم ديانات وأساطير العالم: (3/94) للأستاذ إمام عبد الفتاح- مكتبة
مدبولي 1996، والمرجع الأصلي: Theogony p. 585 and CF pp 87 ff. works and
Days 73 ff. Hesiod in Works and Days
أما واقعاً فنجد أن المرأة عندهم لم تكن إلا خلقاً في الدرك الأسفل، تعيش
معزولة عن المجتمع، في أعماق البيوت علي أنها سقط متاع، وكانت محرومة من
الميراث، وينظر إلي الزوجية من زاوية المرأة علي أنها وظيفة لإنتاج
الأطفال، لا تعلو كثيراً عن وظيفة الخدم، وقد امتد تأثير هذه النظرة
المختلة للمرأة حتي إلي الفلاسفة والمنظرين كأفلاطون وسقراط وروسو وغيرهم.
تقول سوزان مولر أوكين في كتابها "النساء في الفكر السياسي الغربي" واصفة نظرة أفلاطون للمرأة وكيف تأثر بالنظرة الدونية لها:
"وقد يتساءل المرء: كيف يمكن لفيلسوف متسق التفكير بصفة عامة أن يؤكد من
ناحية أن جنس الأنثي خُلق من أنفس الرجال الشريرة، من أنفس غير العقلاء،
ثم يقترح من ناحية أخري تربية متساوية، ودوراً اجتماعياً واحداً للجنسين؟
كيف يمكن للفكرة التي تقول إن المرأة بطبيعتها شريرة وأكثر شراً من الرجل،
أن تتفق مع الفكرة الثورية التي تقول إن المرأة يمكن أن ترتفع إلي مستوي
الحكام الفلاسفة في الدولة المثالية؟"0
وبلا إطالة نستطيع أن نخمن حجم الغبن الذي لحق بالمرأة في الحضارة الإغريقية، إذ لم يُنصفها حتي مفكروا الأمة!!
2- التفرقة العنصرية عند عرب الجاهلية:
انتشرت في الجاهلية جريمة وأد البنات باعتبارهن مخلوقات متدنية، فكان يتم
قتل البنات بعد الولادة اعتقاداً منهم بأن إنجاب البنات يجلب العار
للآباء، وقد جسد القرآن هذه الوضعية في قوله تعالي "وَإِذَا بُشِّرَ
أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ".
هذا وقد استعرضنا ملخصاً هاماً عن مدي ازدراء المرأة في المجتمعات والأديان المختلفة (باستثناء الإسلام).
المفهوم الثاني: ضرب المرأة والعلم الحديث:
مقدمة:
إن شخصية الإنسان تختلف باختلاف أنواعها، نعم.....فإن الشخصيات تنقسم إلي
أنواع قد حددها علم النفس علي صفة الثبات، هذه الأنواع قد تكون متباينة
لدرجة صغيرة، ومنها ما يكون متباينا بدرجة كبيرة، كما أن منها ما يكون
متبايناً بدرجات شاسعة، إن الله تعالي هو أعلم بتلك الشخصيات وما يناسبها
تماماً، وكيفية تحديد التعامل اللائق بها كل حسب نوعها ودرجة اضطرابها.
أجل فالله وحده يعلم ذلك كله وليس البشر، وعندما يحدد لنا الله تعالي
نوعية عقاب الزوج بالنسبة لزوجته فهو أعلم بما يحدد وما يشرع بدون ظلم أو
غبن للمرأة (وحاشاه سبحانه)........ (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ
اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)؟...بلي والله.
عندما يُشَرِّع الله ضرب المرأة في القرآن الكريم كأحدي وسائل العقاب، فهو
بلا شك يكون أرحم بها ممن يتشدقون بأنهم رحماء عليها أكثر من ربها..... إن
جهل الإنسان بمسألة ما وإفتاءه فيها بغير علم قد يسئ له وللكثيرين بلا شك،
خصوصاً إذا كانت تلك المسألة تتعلق بالدين، فهو قد يهدر ديناً دون أن
يشعر..... إن ضرب المرأة في القرآن هو عقاب نفسي وجسدي، وقد يكون نفسياً
فقط أو جسدياً فقط، أو نفسياً وجسدياً معاً، بل وقد يكون مصدر سعادة شديدة
للمرأة، وأرجو ألا يتعجب أحد من كلامي، فإن كل أساتذة الطب النفسي المعاصر
في العالم بأسره يؤكدون ذلك كحقيقة ثابتة وواقعة، وليس مجرد نظرية قابلة
للنقد، هذا فضلاً عن الواقع الذي تفرض أحداثه علي ذلك فرضاً!!!!
إننا حينما نقرأ تفاسير القرآن القديمة (كابن كثير، والآلوسي، والطبري،
والقرطبي والنسفي، و......الخ)، فإننا نجد أن لهم جميعاً أقوالاً مضحكة
تتعلق بتفسير تلك الآية العظيمة، وهذا إنما يرجع إلي سببين:
1- غياب المنهج الذي ينبغي أن يقوم علي أساسه تفسيرهم للقرآن الكريم (أي أنهم كانوا لا منهج لهم في التفسير).
2- اضمحلال ثقافة عصرهم الذي كانوا يعيشون فيه حينئذ، وجهلهم بالحقائق
العلمية المكتشفة حديثاً منذ ما يقرب من ستين سنة فقط والتي تم فيها تصنيف
الشخصيات ومدي اضطرابها (حسب تقسيم الدليل العالمي للطب النفسي)، والذي
يؤكد المعني العظيم لتلك الآية ومدي فوائدها الجمة في تقويم بعض النساء
المستحقات لتلك العقوبة.
وكلنا يلاحظ أن الله تعالي لم يحدد لنا طريقة الضرب أو نوعيته أو كيفيته
من حيث الشدة أو اللين، من حيث القوة أو الضعف، من حيث اتقاء الوجه أثناء
الضرب أو عدم اتقائه...... وهذا أيضاً من ضمن إعجاز القرآن العلمي بصدد
تلك المسألة، ولعل القارئ يكون الآن متعجباً من هذا الكلام الذي قد يبدو
غريباً لأول وهلة، ولكن سرعان ما سوف يتبين له الحق إذا قرأ المقالة بتمعن
وإنصاف، وسوف يقتنع بكل كلمة كتبت في هذا المقال إن شاء الله.
والآن سوف نتعرض لبعض الإضطرابات النفسية والجنسية علي سبيل المثال لا
الحصر، والتي تصيب المرأة التي تخرجها عن سوائها ولن يعالج هذا الأمر إلا
بوسيلة واحدة هي الوسيلة الفعالة، ألا وهي الضرب!!
أولاً: الماسوكية Masochism:
ويعد نوعاً من اضطراب الشخصية المتمثل في الحصول علي اللذة الجنسية من
الإحساس بالآلام وإيقاع القسوة علي الذات متصلة بالرغبة في العبودية
واللذة من الإهانة والاستهزاء، وتجريح الكبرياء، واشتق الاسم من (ليوبولد
ساشر ماسوك 1836- 1785) القصصي النمساوي والذي أشارت قصصه لهذا الشذوذ،
وليس للماسوكية أضراراً اجتماعية جسيمة، ولكنها موجودة عند النساء بصورة
خمسة عشرة أضعاف الرجال، وقد تبين أن نسبة النساء المصابين بالماسوكية
حوالي 16.5 من مجموعهن الكلي في العالم، وهي نسبة غير قليلة بالمرة، أما
من حيث الصحة والسواء فنجد أنها تكون سوية في باقي سلوكها وتعاملها مع
الآخرين بنسبة 100%، ولا يمكن أن نسمي ما تعانيه بمرض نفسي أو عقلي،
فمثلاً نجد أنها طبيبة أو مهندسة، أو مدرسة ناجحة، بل وزوجة وأم طبيعية
جداً، تقدر المسئولية وتسعي للتواصل مع افراد عائلتها بل ومجتمعها كله بلا
استثناء، إلا هذا العيب الخطير الذي لا يظهر غالباً خارج حجرة نومها!!
إن هذه المرأة البائسة لا ينفع للأسف معها أي معاملة كريمة، بل علي العكس
تماماً!!، فإن المعاملة الكريمة تأتي بأسوأ النتائج معها، وتجعلها تستفز
زوجها لكي يتطاول عليها ويهينها، الأمر الذي تشعر من خلاله بلذة شاذة
يعقبها إثارة جنسية شديدة لها، لذا فإنه يتحتم علي زوجها أن يفعل أحد
أمرين:
1- أن يطلقها
2- أن يهينها لكي يكسب قلبها وحبها وطاعتها واحترامها له!!!
ألا ترون أن الأمر سيكون صعباً في كلتا الحالتين؟
فأما تطليقها سوف يزيد الأمور تأزماً، فسوف يظهر أعراض مرضها علي المجتمع،
وأما إبقائها في منزل الزوجية فسوف يضطر الرجل أن يلجأ إلي أسلوب غير آدمي
معها، وإلا فلن يسلم من شرها إطلاقاً، الأمر الذي سوف ينعكس بالسلب علي
نفسية الأبناء مما يجعلهم يصابوا بالعقد النفسية من جراء هذا الإضطراب
الأسري الشاذ المقيت.
وأحب أن أذكر مرة أخري بأن هذا النوع يمثل 16.5% من المجموع الكلي من
النساء علي وجه الأرض، وهذه نسبة ليست قليلة إطلاقاً، ويكفي أن نعرف أن كل
خمس نساء لا يعانون من هذا الإضطراب تقابلهن امرأة واحدة تعاني منه، أي
النسبة هي (5: 1)!!
ثانياً: عقدة الغيرة القضيبية: Phallus Jealousy:
وهذه العقدة تعاني منها النساء فقط، وتُنْشِئ هذه العقدة ما يسمي بالمرأة المترجلة، أو (المسترجلة).......
كيف تنشأ تلك العقدة؟
عندما تكون الفتاة في الطور الأول المبكر من عمرها (ما دون الخمس سنوات)،
وتنظر إلي (عضو أخيها الذكري) الذي ممن هو في سنها أو أكبر أو أصغر منها،
فسرعان ما يطرأ لديها تساؤل قد يبدو بسيطاً في البداية، إلا أن له مغزيً
خطيراً قد لا يدركه العوام، ولكنه أساس المصيبة النفسية الكبري التي سوف
تلم بها في المستقبل الذي سوف ينتظرها، والذي سوف تنقلب علي أساسه شخصيتها
بل وحياتها كلها رأساً علي عقب.
هذا التساؤل ببساطة هو: (أشمعني أنا ما عنديش؟)!!..... (هو أحسن مني في إيه)!!...... (عايزة أبقي زيه)!!......(ماليش دعوة)!!
ثم يمر الموقف بعد ذلك مرور الكرام، وتهدأ تلك الغيرة القاتلة التي تصيب
الطفلة من جراء رؤيتها لعضو تفقده وتتمني أن يكون لديها مثله، ولكن للأسف
فإن العقل الباطن دائماً ما يكون بمثابة الخزان الضخم يقوم بتعبئة الأشياء
بداخله والتي يستحيل أن تخرج منه بعد ذلك أبداً إلي أن يلقي صاحبه ربه!!
إن الأمر سوف يستفحل عندما تشب الفتاة، وتترسب عندها العقدة منذ صغرها
لتجعلها شراً مستطيراً علي المجتمع ووبالاً عليه، إن العملية التعويضية
التي تلجأ إليها تلك الشابة أو المرأة بعدما تكبر تكمن ببساطة في تقمصها
لدور الرجال، فيبدو ذلك في مظهرها وطريقة كلامها ومنطقها الذي ينم علي
رغبتها في معاملة الرجل علي أساس الند للند، فتترأس الجمعيات النسائية
مطالبة بالمساواة بينها وبين الرجل، وقد يصل الأمر بها إلي أن تتزعم
المظاهرات النسائية، بل وتقوم بترشيح نفسها بغية أن تتقلد المناصب
الرئاسية في الدولة، وغالباً ما يرغب هذا النوع من النساء عن الزواج بحجة
أنهن لا يردن أي رجل أن يتحكم فيهن، وأن الواحدة منهن (أحسن من مائة
راجل!!)، فتعقد مقارنة علي شئ لا يستحق المقارنة، فالرجل في الحقيقة مكمل
للمرأة، ولكنها لا تري ذلك، لأنها تنظر إلي العلاقة بين الرجل والمرأة علي
إنها حرب شعواء يجب أن تنتصر فيها المرأة بأي شكل من الأشكال.
أما بالنسبة لزواجها فسوف يكون تعيساً لكلا الطرفين، وغالباً ما تنشذ هذه
المرأة المسكينة عن زوجها، فيضطر إلي أن يتطاول عليها أو يطلقها، ونادراً
ما يأتي الضرب في تلك الحالة بثماره علي العكس من الحالة السابقة تماماً،
ولكنه في بعض الأحيان قد يجدي، فالمرأة بطبيعتها تحب الرجل (الحنون الصارم
في آن واحد)!!.
إن هذان المثالان السابقان يعتبران نموذجاً حياً للنساء اللاتي يجب أن
يستخدم معهن مثل هذا النوع الوحشي من العقاب، ومن ضمن إعجاز القرآن العظيم
أنه لم يحدد هنا طريقة الضرب ولا كيفيته (بعكس الهراء الذي نقرأه من جهال
الروايات الذين يزعمون أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان يضرب امرأته
بالسواك!!، وحتي إن صح هذا فيجب ألا يعمم هذا الإسلوب الذي استخدمه الرسول
(ص) مع زوجاته، لأنه ببساطة ليس نوعاً من العبادة، ثم إن نساءه أمهات
المؤمنين (أمهاتنا) لم يكن بهن أمراض مثل التي ذكرتها من قبل، فيجب أن
ننظر إلي إسلامنا بشئ من الحصافة والعلم والواقعية حتي ندرك عظمته.
ضرب المرأة في الإسلام:
إن ضرب المرأة في الإسلام إنما شرعه الله تعالي كآخر وسيلة للعقاب، وذلك
بعدما يستنفذ كل طرق العقاب المادية وأيضاً النصح بالتي هي أحسن وبالشدة
علي حد سواء، وقد يبدو لأول وهلة أن الضرب مسألة وحشية وغير آدمية تصف
الرجل بأنه قد خرج عن آدميته أما المرأة فهي مسكينة ومجني عليها ومنكسرة
الجناح، تعيش مع وحش كاسر ويجب تطليقها منه فوراً!!.....
هذا بالطبع كلام الجهال من الذين لا دراية لهم بالإضطرابات النفسية
وبطبائع النفس البشرية، وقد تبين لنا فيما سبق بما لا يدع مجالاً للشك
ضرورة الضرب (المبرح أحيانا) لإصلاح بعض أنواع تلك الإضطرابات.
فعلي من يتشدق بأنه أرحم علي المرأة من ربها أن يتعلم طبائع النفوس وينظر
إلي الأديان المحرفة السابقة، والقوانين الوضعية الجائرة التي قد تجنت وما
زالت إلي يومنا هذا تتجني علي المرأة بطريقة تخرجها فعلاً عن آدميتها كما
أوضحنا سابقاً حتي يدرك مدي عظمة الإسلام ولا يهرف بما لا يعرف!!
نحاول الآن أن ندرس الآيات التي تتكلم عن ضرب المرأة مع عدم اقتطاعها من
الآيات السابقة واللاحقة لها حتي لا يؤدي ذلك إلي سياق مبتور يخل بالمعني
فيعمل علي تفريغها من محتواها الدلالي.
يقول الله تعالي:
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ
عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ
قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي
تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ
وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ
سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) (النساء 34).
ويتضح من الآية الكريمة الآتي:
أن القوامة هنا للرجال، فمن الذي يجلس علي عجلة قيادة مركب الأسرة..هل
الزوج أم الزوجة؟ فلو جلس الاثنان لغرقت بالطبع (كما يقول العامة في مصر:
ريسين في مركب واحدة تغرق)، فقانون الحياة أن كل مركب لا بد أن يكون لها
رئيساً واحداً، فالأكوان قياساً علي ذلك لها رئيس واحد لا شريك له إلا
الله، وإلا لفسدت هذه الأكوان ثم إنه هو الذي يولي علي كل مركب رئيسها من
مركب القضاء (القاضي....إلي مركب المدرسة "المدير".....إلي مركب الشركة
"مالكها أو رئيس مجلس إدارتها)....وهكذا.
فمركب القضاء مثلاً...لا تستقيم قاعة التقاضي إلا إذا كان هناك قاضياً
واحداً رئيساً....نعم فإن هناك مساعدون له....نعم فهناك وكيلاً للنيابة،
والمحامي والشرطي، والحاجب، والمتهم، وجمهور الحاضرين... هذه التركيبة: لا
نستطيع أن نسوي بين أي منها وبين القاضي.... لا.....لا بد من رئيس له حق
واحد هو الرئاسة، ولكن عليه واجبات كثيرة ومريرة، أقلها إدارة القاعة حتي
لا تنقلب الأمور.....أبسطها: إن كل إنسان موجود في هذه القاعة يخرج إلي
منزله وينام أو يمارس حياته العادية، أما القاضي فلا..... لا بد أن يراجع
كل قضية، ويستذكرها ويقارن.... ويقلب الأمور والأقوال والأفعال
والروتينيات.... الخ، حتي يصدر حكمه، وهكذا....
إن علي هذه القيادة مسئوليات أكبر وأعظم من أن تنحصر في (الشخط والنطر والصياح بالصوت العالي، والسب والضرب)....لا....لا.
فالقرآن الكريم قال في الآية الملاصقة للآيتين السابقتين (الرجال قوامون علي النساء)، ولم تنتهي الآية، بل أعقب ذلك فوراً بقوله:
1- (بما فضل الله بعضهم علي بعض).
2- (وبما أنفقوا من أموالهم).
أي بما عليهم من كافة الواجبات المادية التي عليهم جنسياً ومالياً ولم تنتهي الآية، بل أعقب ذلك فوراً بقوله:
(فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله)
أي بما عليهم من واجبات معنوية تجاه الأسرة من إشاعة جو الصلاح والقنوت،
والحفظ لكيان الأسرة بالإسلوب الذي يرضي الله من تناغم وانسجام رباني،
تشيعه المرأة في جو الأسرة، ولن تنتهي الآية، بل أعقبها فوراً (واللاتي
تخافون نشوزهن):
1- فعظوهن.
2- اهجروهن في المضاجع.
3- اضربوهن.
فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً....ولم تنتهي الآية، بل أعقبها فوراً:
(إن الله كان علياً كبيراً) (النساء 34).
إن العظة هي أول أسلوب يستخدمه الرجل مع المرأة حتي يقومها عن سلوكها
المعوج الذي لا يرضي الله ورسوله، والذي لا يقوم علي الإصلاح، فقد يأخذ
هذا النصح شكلاً راقياً في أسلوب التلطف الذي يليق بالمرأة كإنسان له كيان
آدمي، وقد يتطور هذا الأسلوب إلي التعنيف والتقريع والتبكيت إن لم تكف عن
باطلها أو تصلح من سلوكها الشاذ.
أما أسلوب الهجر في المضجع، فهو الأسلوب الثاني للعقاب، فعندما يفشل
الإسلوب الأول فلا يتم اللجوء للضرب مباشرة، ولكن هناك إسلوب أخف حدة من
الضرب، ولكنه ليس بالسهل علي المرأة التي تحس وتشعر....
أجل......إن الله تعالي قال: (واهجروهن في المضاجع)، ولم يقل (من)
المضاجع، وهذا فيه منتهي الإهانة للمرأة الناشز وجرح لكبريائها ولأنوثتها،
إذلال لكرامتها إزلالاً شديداً لا تدركه إلا من تحس بذلك، (وبالطبع لا
يمكن أن تدركه من تعاني من الماسوكية أو الغيرة القضيبية مثلاً كما أوضحنا
سابقاً).
لذا فإنه يتوجب علي الرجل أن يستخدم أسلوباً آخر في تهذيبها وإصلاحها.... ألا وهو الضرب!!!.
بلي، إن الله وحده هو أعلم بمن خلق، وهو أعلم بما يناسب عبادة من مثوبة أو عقاب....فلا بد ألا ننسي الآية التي تقول:
(فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ) (النساء 34).
أي أن الزوجات الصالحات لا يجوز أن يتعرض الزوج لهن مطلقاً بأي نوع من
التعدي سواء المادي أو المعنوي، وبهذه الطريقة فإن الإسلام يحافظ علي
كرامة المرأة الصالحة مستقيمة السلوك من أذي الزوج إن لم يكن منصفاً أو
صالحاً أو عصبياً بشكل زائد.
ثم نأتي إلي الجزء الأخير من الآية، فيقول جل شأنه محذراً الزوج من البغي بغير علي زوجته بغير الحق.
يقول تعالي:
(فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً..).
إن البغي بغير الحق إنما هو ظلم بين، لا يرضاه الله من عباده أو لهم، إن
الإسلام يصون آدمية المرأة وكرامتها حتي من زوجها، فلا يكون العقاب إلا
للضرورة القصوي، خصوصاً "مسألة الضرب"، فلا تكون إلا في أضيق الحدود.
ثم يقول الله تعالي:
(...إن الله كان علياً كبيراً)
نعم، فإن الله تعالي هو وحده الذي يعلم المفسد من المصلح، وتأكد أيها
الزوج أن الله أعلي منك وأقوي منك، فإن استخدمت الحق الذي منحه الله عز
وجل في غير موضعه، فاعلم أن الله سوف يقتص منك.
وهكذا تتجلي عظمية الإسلام بوضوح لا مراء فيه، فليت كل معاد للإسلام
أن يكون منصفاً مع نفسه، فإننا نطلب منه أن يقول الحقيقة ولا شئ غيرها
وذلك من أجل الأمانة العلمية فقط علي الأقل إن لم يكن يعترف بالإسلام كدين
حتي لا يسفه نفسه ويضل عقله ويبعد عن جادة الصواب أيما بعد.