منافع بكاء الأطفال
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته .
من جميل ما قرأت .... ما ذكره شيخنا ابن قيم الجوزية في منافع بكاء الأطفال ....
إذ يقول :
تامل حكمة الله تعالى في كثرة بكاء الأطفال , وما لهم فيه من منفعة ,فإن الأطباء و الطبائعيين شهدوا منفعة ذلك و حكمته وقالوا :
في أدمغة الأطفال رطوبة لو بقيت في أدمغتهم لأحدثت أحداثا عظيمة فالبكاء
يسيّل ذلك و يحدره من أدمغتهم فتقوى و تصحّ , و أيضا فإن البكاء يوسع عليه
مجاري النفس و يفتح العروق و يصلّبها و يقوّي الأعصاب .
وكم للطفل من منفعة و مصلحة فيما تسمعه من بكائه , سببه الألم المؤذي و أنت
لا تعرفها و لاتكاد تخطر ببالك , فهكذا اقتضت حكمة الله أن تكون هذه
الدّار ممزوجة عافيتها ببلائها , وراحتها بعنائها ولذّتها بآلامها وصحتها
بسقمها و فرحها بغمّها , فهي دار ابتلاء تدفع بعض آفاتها ببعض كما قال
القائل :
أصبحت في دار بليات &&& أدفع آفات بآفات.
ولقد صدق فإنك إذا فكرت في الأكل و الشرب ......وسائر ما يستلذّ به رأيته
يدفع بها ما قابله من الألام , أفلا تراك تدفع بالأكل ألم الجوع و بالشرب
ألم العطش ........
فأما اللذّات الحقيقية فلها دار أخرى ....
فوجود هذه الألام و اللذّات الممتزجة المختلطة من الأدلّة على المعاد و أن الحكمة التي اقتضت ذلك , هي أولى باقتضاء دارين :
دار خالصة للذ ّات لا يشوبها ألم ما , ودار خالصة للآلام لا يشوبها لذة ما , و الدار الأولى : الجنّة , و الدار الثانية : النار.
اللهم علمنا ما ينفعنا وزدنا علما و اجعلنا من أهل جنتك