baroun المدير العام للمنتدى
عدد المساهمات : 2508 نقاط : 18903 تاريخ التسجيل : 04/04/2010 العمر : 41 الموقع : www.elbayadh.ahladalil.com
| موضوع: مـمـارسـة الـحـق الـنـقـابـي داخـل الـمـؤسـسة . الثلاثاء 3 سبتمبر - 16:39 | |
| إذا كانت الغاية من إنشاء المنظمات النقابية هو الدفاع عن المصالح المادية و المعنوية للعمال، فإن تحقيق ذلك الهدف يفترض تواجد تلك المنظمات في أماكن العمل، و الؤسسة هي الميدان الوحيد الذي يتواجد فيه العمال- و الذي أسست النقابة للدفاع عن مصالحه- و صاحب العمل، أي توجد به مصلحتين متعارضتين، يحاول المستخدم دائما تغليب مصلحته على مصلحة العامل (الطرف الضعيف في العقد) . لكل ذلك ، و لتمثيل أفضل للعمال عن طريق التعرف على ظروف عملهم بصفة عامة سمح المشرع للمنظمات النقابية إنشاء هياكل نقابية و تعيين مندوبين نقابيين، فهل يمكن لأي منظمة نقابية أن تنشئ تلك الهياكل، أم أن هذه الأخيرة من إختصاص نوع خاص من المنظمات؟ في هذه الحالة ماهي الشروط الواجب توافرها حتى ينشئ الهيكل النقابي و يتم تعيين المندوبين النقابيين؟ و ما هي صلاحيات كل واحد منهما ؟ للإجابة عن هذه التساؤلات نتطرق في مطلب أول إلى الهياكل النقابية و في مطلب ثان إلى المندوبين النقابيين : المطلب الأول : الأحكام المتعلقة بالهياكل النقابية . طبقا للمادة 40 من القانون 90/14 فإنه "يمكن لأي منظمة نقابية تمثيلية حسب مفهوم المادتين 34 و 35 من هذا القانون أن تنشىء هيكلا نقابيا طبقا لقانونها الأساسي لضمان تمثيل المصالح المادية و المعنوية لأعضائها في أي مؤسسة عمومية أو خاصة، و في أماكن عملهم المتميزة إذا كانت لها أماكن عمل أو أي مؤسسة أو هيئة أو إدارة عمومية" . من خلال هذا النص يتضح لنا أن المشرع الجزائري يعترف بممارسة الحق النقابي في كل المؤسسات سواء كانت عمومية أو خاصة ، و ذلك في إطار إحترام الحقوق و الحريات المقررة قانونا لضمان تمثيل المصالح المادية و المعنوية لأعضاء النقابة ، فروح القانون هنا لا تهدف إلى خلق نقابة جديدة داخل المؤسسة أو الفرع و إنما إلى تمديد جذور النقابة إلى أعماق المؤسسة فتصبح مشكلة و ممثلة على مستوى كل فرع منها و حتى في أماكن العمل المتميزة، و لذلك يعتبر هذا الهيكل النقابي تجمع فعلي . في الواقع فإن توافر الهيكل النقابي في المؤسسة ضروري في أغلب الأحيان إذ وحده فقط يبرر تعيين المندوبين النقابيين، و ترتكز عليه الحريات النقابية المقررة قانونا كالحرية في التعبير (1) . ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة يجب أن يكون في إطار الشروط القانونية لا سيما تلك المتعلقة بتأسيس الهياكل النقابية، ففي ماذا تتمثل تلك الشروط و هل صلاحيات الهيكل النقابي تختلف عن صلاحيات المنظمة النقابية المنبثق عنها ؟ . الفرع الأول : شروط تأسيس الهيكل النقابي . تشجيعا لإنشاء الهياكل النقابية داخل المؤسسات فإن الشروط الواجب توافرها خفضت إلى أقصى حد إذ لم ينص المشرع على أي شرط شكلي، و إكتفى ببعض الشروط الموضوعية التي بتواجدها يكون الهيكل مؤسس قانونا . أولا : الشروط الموضوعية . بقراءة نص المادة 40 المذكور سلفا يتجلى لنا أن الشروط الموضوعية الواجب توافرها لإنشاء هيكل نقابي هي كون المنظمة النقابية تمثيلية و كون المؤسسة عمومية أو خاصة و حتى في أماكن العمل المتميزة و ذلك بغض النظر عن عدد العمال الذين يعملون بها . 1- شرط التمثيلية: إنشاء هيكل نقابي هو إمتياز ممنوح فقط للمنظمات النقابية التمثيلية دون غيرها و المقصود بالمنظمات النقابية التمثيلية هنا، كما سبقت الإشارة إليه، كل المنظمات النقابية للعمال الأجراء المستخدمين المكونة قانونا منذ 6 أشهر على الأقل، و التي تضم 20 % على الأقل من العدد الكلي للعمال الأجراء أو لتلك التي لها تمثيل 20 % على الأقل من العدد الكلي للعمال الأجراء أو لتلك التي لها تمثيل 20 % على الأقل في لجنة المشاركة. كما تعتبر تمثيلية كذلك على الصعيد البلدي والمشترك بين الولايات ، أو الوطني ال إتحادات و ال إتحاديات أو ال كنفدراليات ل لعمال الأجراء التي تضم 20 % على الأقل من المنظمات النقابية التمثيلية التي تشملها القوانين الأساسية للإتحادات المذكورة . ـــــــــ (1) أنظر ص 573 من مرجع DALLOZ السالف الذكر . 2 – الشروط المتعلقة بالمؤسسة : إن الهيكل النقابي ينشئ في أية مؤسسة بغض النظر عن طبيعة نشاطها: سواء كانت تجارية، فلاحية أو صناعية... و بغض النظر عن طبيعتها القانونية : شركة تجارية، مدنية أ و تجمع صناعي، مؤسسات عمومية... و إضافة إلى كون ممارسة الحق النقابي يكون داخل المؤسسة ، فإن المشرع مدد ممارسة هذا الحق حتى داخل أماكن العمل المتميزة، فمادا يعني بهذه الأخيرة ؟ إن التشريع الجزائري ، كغيره من التشريعات الأخرى لم يتطرق إلى تعريف مكان العمل المتميز لكن الفقه الفرنسي حاول ذلك معتبرا إياه تجمع ا للوسائل المادية و الغير المادية لغرض الوصول، عن طريق نشاط مستمر ، إلى تحقيق هدف ذو طبيعة تقنية، و هناك من عرفه بأنه المكان الذي تمارس فيه سلطة إبرام العقود و التسريح عن العمل مع إمكانية توقيع الوثائق ، و لقد ذهب البعض إلى إعتباره هيئة تقنية للإنتاج بينما المؤسسة هي هيئة إقتصادية له (2) إن هذا المفهوم جد واسع إذ لم يضع معيار محدد لتعريف مكان العمل المتميز. و بإعتبار الفقه لم يستطع وضع تعريفا شاملا واضحا لمكان العمل المتميز فإننا نحاول اللجوء إلى وجهات نظر القضاء . و نظرا لكون الإجتهاد القضائي الجزائري لم يتناول هذه المسألة فإننا نتطرق إلى الإجتهاد القضائي الفرنسي الذي حاول أن يعطي عدة معايير للتعرف على مكان العمل المتميز. ففي قرارها الصادر بتاريخ 09/05/1989 فإن محكمة النقض الفرنسية ذهبت إلى أنه يجب على القضاة، لتعيين المندوبين النقابيين في أماكن العمل المتميزة أن يأخذوا بعين الإعتبار لتحديد هذه الأخيرة: ظروف العمل، أهمية عدد العمال و إستقلالية المكان بالنسبة للمؤسسة (3) . و في قرار آخر ذهبت إلى أنه يمكن أن يعتبر كمكان عمل متميز لتعيين المندوبين النقابيين الورشات المتواجدة خارج المؤسسة و التي تتمتع بنوع من الإستقرار و كون أغلبية عمالها مرتبطين معها بعقود عمل غير محددة المدة، و كون مسؤولي تلك المؤسسات يتمتعون بسلطات واسعة، و ذلك بكون الأجور تحدد هنا من قبل المديرية العامة (4) . ـــــــــ (2) أنظر صفحة 301 من المرجع Droit du travail 2 édition Brun et Henri gallaud et Andrel (3) أنظر ص 175 من المرجع : le droit syndical édition force ouvrière . (4)قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 06/07/83. أبعد من ذلك فإن محكمة النقض الفرنسية ذهبت إلى أن مكان العمل المتميز مفهوم متغير بحسب المنظمة-التي تسعى سواء إلى تعيين المندوبين النقابيين أو لإنتخاب لجان المشاركة أو ممثلي العمال- إذ لا يجب الأخذ بعين الإعتبار لتعيين المندوبين النقابيين الأحكام المتعلقة بإنتخاب ممثلي العمال أو لجان المشاركة، فما يجب الأخذ به هو الدور الذي يؤديه المندوب النقابي (5) . و بالرغم من صعوبة تحديد مفهوم مكان العمل المتميز، فإن الإجتهاد القضائي الفرنسي عرفه بكونه عبارة عن هيئة تقنية للإنتاج لها ميزانية مادية مستقلة عن المؤسسة و لكنها تابعة لها (6) . من خلال هذا التعريف فإنه يمكن إستخراج معيارين للقول ما إذا كان مكان العمل متميز أم لا ، يتمثلان في: الإستقلالية من جهة و عدم الإستقلالية أو التبعية من جهة أخرى . أ- معيار الاستقلالية : من الناحية العضوية : الأمر متعلق بتجمع دائم لأدوات العمل و المال و ذلك في مكان معين. من الناحية الوظيفية: إن مكان العمل المتميز له إطار عمل خاص به و يستطيع الإعتماد على نفسه في التسيير . ب- معيار التبعية : من الناحية القانونية: إن مكان العمل المتميز ليس له شخصية معنوية . من الناحية الإقتصادية: حتى و لو كان لمكان العمل المتميز ميزانية خاصة ، فإن ذلك لا يعني إستقلالية تامة عن المؤسسة إذ ميزانيته المتحصل عليها تدمج بميزانية المؤسسة . 3- غياب شرط عدد العمال : كل مؤسسة مهما كان عدد عمالها ضئيلا أو كثيرا فإن المنظمة النقابية التمثيلية تستطيع إنشاء هيكل نقابي فيها، إذ أن المشرع لم يضع حد أدني للعمال يجب توافره في المؤسسة حتى يمكن تأسيس هيكل نقابي بداخله ا . ملاحظة : إن شرط وجوب توافر عدد 20 عامل أجير و المنصوص عليه في المادة 41 من القانون رقم 90/14 يتعلق بالمندوبين النقابيين و ليس بالهيكل النقابي . ـــــــــ (5)قرار صادر عن محكمة النقص الفرنسية بتاريخ 16/01/85 . (6)أنظر ص 175 من المرجع السالف الذكر . ثانيا : الشروط الشكلية . طبقا لنص المادة 40 من قانون 90/14 فإنه يمكن لأي منظمة نقابية تمثيلية أن تنشيء هيكلا نقابيا. إن تأسيس الهيكل النقابي لا يخضع لأي شرط شكلي، إذ من الناحية القانونية تعتبر المنظمة النقابية التي تريد إنشاء الهيكل النقابي حرة في إعلام المستخدم أو غيره بذلك، إذ أن المشرع لم يلزمها بأي شكل من أشكال التبليغ كما فعل بالنسبة للمندوبين النقابيين ، فما هي إذن المعايير التي تسمح بإثبات وجوده ؟ خاصة و أن مشكلة الإثبات تطرح في الغالب عند تعيين المندوبين النقابيين و تبليغ أسمائهم لصاحب العمل . فحتى يكون التعيين ساري المفعول يجب أن يكون الهيكل النقابي مؤسس ا فعلا . إن إثبات تأسيس الهيكل النقابي- و الذي يقع على عاتق المدعي بإنشاء أي نقابة -يمكن أن يكون بكافة الطرق . في هذا الإطار ، فإن الإجتهاد القضائي الفرنسي ذهب إلى إعتبار أن الهيكل النقابي مؤسس قانونا إذا تبين تواجد عمال أجراء في المؤسسة إنضموا إلى المنظمة النقابية التي تدعي بتأسيس الهيكل النقابي أو إعتباره في إطار التأسيس و ذلك إذا عبر هؤلاء عن رغبتهم في التجمع لممارسة نشاط نقابي في المؤسسة (7) و ذلك بغض النظر عن عددهم، على ألا يقل عن إ ث نين، و عن طبيعة أو أهمية النشاط الذي يمارسونه ، لكن تعيين مندوب نقابي لا ينطوي في حذ ذاته على تأسيس الهيكل النقابي ، إذ إنشاء هذا الأخير يأتي بعد تعيين المندوبين النقابيين و ليس قبلهم . و مع إنعدام أي نص قانوني يشير إلى وجوب توافر أي شرط شكلي لإثبات إنشاء الهيكل النقابي، و في إنتظار تشكيل إجتهاد قضائي وطني لتوضيح الصورة أكثر، فإننا نعتقد أنه كان من الأفضل على المشرع أن يقيد تأسيس الهياكل النقابية بشرط شكلي: كشرط إعلام المستخدم مثلا أو شرط الإشهار ، و ذلك تفاديا لأي نزاعات حول مسألة الإنشاء طالما أن عملية الإثبات حتى و لو كانت بكافة الطرق فإنها صعبة إن لم نقل مستحيلة . ـــــــــ 7)قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 27/06/90 أنظر ص 164 من المرجع السالف الذكر ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]قرار منشور م . ق . ع الأول لسنة 1998 صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 09/12/97 تحت رقم 149274 . الفرع الثاني : وسائل العمل الممنوحة للهيكل النقابي . حتى و لو كان الهدف من إنشاء الهياكل النقابية هو ضمان تمثيل المصالح المادية و المعنوية لأعضاء المنظمة النقابية المنشأة، فبالرغم من ذلك فإنها لا تتمتع بالشخصية المعنوية و بالتالي فلا تستطيع إبرام العقود و لا اللجوء إلى القضاء كمدعية أو مدعى عليها و هذا ما أقرته المحكمة العليا ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إذ إعتبرت أن الهيكل النقابي ما هو إلا فرع محلي للنقابة و ليس له لا أهمية و لا صفة التقاضي و ذلك لعدم تمتعه بالشخصية الإعتبارية . و لكن حتى و إن كان الهيكل النقابي لا يتمتع بالشخصية القانونية فإ ن المشرع منحه عدة صلاحيات لتمكينه من القيام بالمهام الموكلة إليه خاصة تلك المتعلقة بتمثيل المصالح المادية والمعنوية لأعضائه داخل المؤسسة هذه الصلاحيات تتمثل في : 1 - حرية الإعلام : يجب على صاحب العمل أن يخصص لكل هيكل نقابي داخل المؤسسة لوحة على الأقل مغايرة لتلك الموضوعة للجان المشاركة و ممثلي العمال، و ذلك لإعلام النقابي وفقا للإتفاق المبرم مع صاحب العمل إذ ذلك يرجع للتفاوض: تحديد عدد اللوحات، شكلها، مساحتها و مكان وضعها . لكن كيفية و وقت النشر تبقى حرة من إختصاص الهيكل وحده مع وجوب إحترام أوقات الفتح العادية للمؤسسة، لكن هل للهيكل الحرية التامة في نشر كل ما يريده دون مراقبة من قبل صاحب العمل ؟ إن مضمون الوثائق المنشورة توضع بكل حرية من قبل الهيكل النقابي و ذلك تكريسا لمبدأ حرية ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة ، بشرط أن يكون المضمون متفق مع الهدف المسطر لها مع إرسال نسخة منها في نفس الوقت إلى صاحب العمل لإعلامه بمضمونها، و عليه فليس للمستخدم سلطة المراقبة لا القبلية و لا البعدية على المنشورات النقابية، فإذا ما تبين له أن تلك المنشورات تتضمن أحكام مخالفة لهذه النقابة- الدفاع عن مصالح و حقوق أعضائها- فليس له صلاحية نزع ذلك المنشور أو حذف جزء منه فإنه بذلك يكون معرض لمتابعة جزائية لإرتكابه مخالفة عرقلة ممارسة الحق النقابي، و نفس الحكم يطبق على كل شخص يقوم بذات الفعل . * فلا يبقى أمام من إعتبر مضمون المنشور غير شرعي إلا أن يلجأ إلى القاضي الإستعجالي الذي ـــــــــ ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]قرار منشور م.ق.ع الأول لسنة 1998 صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 09/12/97 تحت رقم 14927 . وحده يستطيع الأمر بالنزع الفوري للمنشور ، و ذلك لتفادي الضرر الذي يمكن أن ينجر عن ذلك النشر، و عندما تكون حالة الإستعجال غير متوافرة أي لم تعد هناك فائدة من نزع ذلك المنشور، و بالتالي يكون القضاء العادي هو المختص بالفصل في أصل الحق و يقرر ما إذا كان مضمون المنشور شرعي أم لا، و الحكم الصادر في هذه الحالة ينحصر في إلزام المنظمة النقابية التي أسست الهيكل النقابي في تعويض الضرر الناجم . 2- حرية توزيع المناشير : إن المشرع الجزائري لم ينص صراحة على إعتبار توزيع المناشير من صلاحيات الهياكل النقابية، لكن بالرغم من ذلك فإنها تعتبر من بين أهم وسائل حرية التعبير عن الأراء النقابية، و حتى كوسيلة لإعلام العمال عن النتائج المتوصل إليها في الإجتماعات ، لذلك ن أمل أن يستدرك المشرع هذا النقص في التشريع و يدرج هذا الحق - حق توزيع المناشير- ضمن صلاحيات الهياكل النقابية في قانون العمل . و بالرغم من عدم ورود نص ينظم كفية توزيع المناشير داخل المؤسسة فإنه يمكن أن يكون ذلك خاضع للتفاوض ما بين المنظمات النقابية و صاحب العمل ،إذ يمكنها الإتفاق حول حرية الهيكل النقابي في ممارسة حق توزيع المناشير داخل المؤسسة، طريقة و وقت و أماكن توزيعها . و على العموم فإن توزيع المناشير داخل المؤسسة يعتبر نتيجة لحرية ممارسة الحق النقابي وذلك بشرط أن يكون محتواها مطابق لنشاط المنظمة النقابية و للهدف الذي تصبو إلى تحقيقه، و إذا ما لاحظ المستخدم أن تلك المناشير تتضمن أحكام مخالفة للغرض الذي أسست لأجله المنظمة النقابية أو تم توزيعها خارج أماكن و أوقات العمل المتفاوض بشأنهما فإنه يمكنه اللجوء إلى القضاء لطلب التعويض عن الأضرار اللاحقة به و لتنفيذ الإلتزامات المتعاقد عليها. 3- حرية عقد الإجتماعات : بإمكان كل هيكل نقابي، عندما يريد ذلك، أن يعقد إجتماعا داخل المؤسسة و بالذات في الأماكن المحددة لذلك الغرض ، -مع ملاحظة أن القانون يشترط في حالة كون المنظمة النقابية تضم 150 عضو أو أكثر- أن يضع صاحب العمل تحت تصرفها محلا ملائما لعقد الإجتماعات فيه، أما إذا لم يكن عدد الأعضاء مساويا للقيمة المذكورة فإن أمر تحديد مكان الإج ت ماعات يرجع إلى التفاوض بين المنظمة النقابية و المستخدم ، ذلك لأن هذا الأخير يعتبر مسؤول عن تسهيل عملية عقد الإجتماعات بوضعه الوسائل الضرورية لذلك . حتى و لو لم ينص المشرع على ذلك صراحة، فإنه و لضمان حسن سير العمل النقابي، فيجب أن تعقد الإجتماعات خارج أوقات العمل و تاريخ تحديدها يرجع إلى الحرية التامة للهيكل النقابي، و على العموم فإن ذلك يرجع تنظيمه إلى التفاوض الجماعي بإعتبار حرية عقد الإجتماعات يترجم عقدها داخل المؤسسة على أنه حرية ممارسة الحق النقابي . الأصل أن تعقد الإجتماعات ما بين أعضاء الهيكل النقابي ، لكن ما الحكم لو أراد المستخدم حضورها ؟ إن الفائدة المرجوة من عقد تلك الإجتماعات هو دراسة المشاكل التي تحيط بالأعضاء داخل المؤسسة و بالأخص ظروف العمل، و على العموم بأمور لا يجوز أن يكون المستخدم حاضرا عند مناقشتها، و ذلك دائما لتسهيل ممارسة الحق النقابي ، غير أنه في حالة ما إذا طلب صاحب العمل حضور إجتماع ما فإن قبوله أو رفضه يرجع إلى الحرية التامة للهيكل النقابي . إذا كان حضور صاحب العمل للإجتماعات التي يعقدها الهيكل النقابي داخل المؤسسة ممنوع بحسب الأصل، فما الحكم المترتب عن حضور أشخاص آخرين من الغير لتلك الإجتماعات ؟ و هل شروط و ظروف توجيه الدعاوى للغير للحضور خاضع لضرورة إعلام المستخدم بها و لقبوله أم لا ؟ في هذا الإطار، و مع غموض النص، فإنه من الأفضل أن يرجع أمر تحديد ذلك إلى التفاوض ما بين صاحب العمل و المنظمة النقابية . نشير فقط إلى أن الإجتهاد القضائي الفرنسي فرق ما بين الإجتماعات المنعقدة داخل المحلات النقابية أو خارجها ، و كون الأشخاص المدعوة تتمتع بالصفة النقابية أم لا، فإذا كان المدعوون نقابيين فإن موافقة المستخدم على دعوتهم غير ضرورية إذا عقد الإجتماع داخل المحل النقابي، إما إذا عقد ه خارجه فيجب الحصول على موافقة المستخدم و نفس الإجراء إذا كان المدعوون غير نقابيين (9) ـــــــــ (9) L’employeur qui refuse l’accès de l’entreprise à une personnalité syndical extérieur commit un délit d’entrave. (cassation crime de France 11 mai 1989 المطلب الثاني : الأحكام الخاصة بالمندوبين النقابيين . هل عند إنشاء الهيكل النقابي داخل المؤسسة يتم تعيين المندوبين النقابيين مباشرة، أم أن ذلك ليس بالضرورة، أي هل من الممكن أن يؤسس الهيكل النقابي دون إمكانية تعيين المندوبين النقابيين ؟ وهل خص المشرع هؤلاء -لتأديتهم المهام الموكلة لهم على أحسن وجه- بحماية خاصة ؟ إجابة عن هذه التساؤلات قسمنا هذا المطلب إلى ثلاثة فروع الأول تناولنا فيه شروط تعيين المندوبين النقابيين و الثاني تطرقنا فيه إلى صلاحياتهم و الثالث إلى النظام القانوني الذي يخضعون له . الفرع الأول : شروط تعيين المندوبين النقابيين . إن تعيين المندوبين النقابيين يخضع إلى عدة شروط موضوعية و شكلية تتمثل فيما يلي : أولا: الشروط الموضوعية : هاته الشروط منها ما يتعلق بالمندوب النقابي ، و منها ما يتعلق بعدد العمال داخل المؤسسة : 1- الشروط المتعلقة بعدد العمال داخل المؤسسة: إن الجهة التي يؤول لها إختصاص تعيين المندوبين النقابيين هي الهياكل النقابية و ذلك طبقا للمادة 41 من القانون رقم 90/14 التي تنص على " يعين الهيكل النقابي المذكور في المادة 40 أعلاه من بينه المندوب أو المندوبين النقابيين المكلفين بتمثيلية لدى المستخدم ، في الحدود و النسب التالية: - من 20 إلى 50 عامل أجير : مندوب واحد . - من 51 إلى 150 عامل أجير : مندوبان . - من 151 إلى 400 عامل أجير : 3 مندوبين . - من 401 إلى 1000 عامل أجير : 5 مندوبين . - من 1001 إلى 4000 عامل أجير : 7 مندوبين . - من 4001 إلى 16000 عامل أجير : 9 مندوبين . - أكثر من 16000 عامل أجير : 13 مندوبين . نستخلص مما سبق أنه حتى يستطيع الهيكل النقابي تعيين المندوبين النقابيين فيجب ألا يقل عدد عمال المؤسسة عن 20 عامل ، فإن كانت المؤسسة تشغل أقل من ذلك العدد فإن تمثيل العمال الأجراء لضرورة التفاوض الجماعي و الوقاية من نزاعات العمل الجماعية و تسويتها يكون من إختصاص ممثل واحد يتم إنتخابه مباشرة من مجموع العمال . و يدخل في إطار حساب عدد العمال كل الذين تربطهم علاقة عمل بالمؤسسة أي كل الأشخاص الذين يؤدون عملا يدويا أو فكريا مقابل أجر، لحساب شخص معنوي عمومي أو خاص يدعي المستخدم ، و ذلك سواء كانوا يرتبطون بالمؤسسة بعلاقة عمل غير محددة المدة أو محددة المدة أو حتى العاملون بالتوقيت الجزئي و الذين يتمتعون بنفس الحقوق القانونية و المتفق عليها التي يتمتع بها العمال المشتغلون بالتوقيت الكامل (10) . 2- الشروط المتعلقة بالمندوب النقابي: لا يمكن تعيين كمندوب نقابي أي شخص (عامل بالمؤسسة)، إذ أن المشرع قيد ذلك بشروط واردة على سبيل الحصر في المادة 44 من القانون 90/14، تتمثل تلك الشروط في السن، الأقدمية و تمتع المندوب بالحقوق المدنية و الوطنية . أ- الـسـن : حتى يجوز تعيينه كمندوب نقابي يجب أن يكون العامل بالغا 21 سنة كاملة يوم تعيينه (11) فإذا ما تم تعيين عامل لم يبلغ بعد هاته السن، فإنه يجوز لكل ذي مصلحة لا سيما صاحب العمل أن يطلب من القضاء سحب صفة المندوب النقابي عن ذلك العامل. ب- الأقـدمــية: (12) حتى يعين كمندوب نقابي يجب أن يكون العامل قد إشتغل داخل المؤسسة لمدة سنة على الأقل فلا يمكن للمنظمة النقابية أن تعين كمندوب نقابي لها من لا ي ربطه بالمؤسسة عقد عمل سواء كان هذا الأخير مبرم لمدة محددة أو غير محددة لتوقيت كلي أو جزئي، و كذا بغض النظر عن رتبة العامل المهنية ، إذ يمكن تعيين أي عامل بشرط أن تكون له علاقة تبعية سواء بالمؤسسة أو بالمقاولة أو بالإدارة العمومية حسب الحالة، و السؤال المطروح هنا هو هل يمكن تعيين القائمين بالإدارة كمندوبين نقابيين ؟ ـــــــــ (10) أنظر المادة 09 من المرسوم التنفيذي رقم 97. 473 المؤرخ في 08/12/97 المتعلق بالعمل بالتوقيت الجزئي. (11) أنظر المادة 44 من القانون 90/14 و المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي و الصادر بتاريخ02/06/90 . (12) ورد خطأ بالمادة 44 من القانون 90/14 إذ نص على " ... يوم إنتخابه ..." إن الإنتخاب يخص ممثلي العمال أما المندوب النقابي فيعين و لا ينتخب، فالكلمة الصحيحة إذن هي : يوم تعيينه" . إن المشرع لم يحدد صفة العامل و منصب العمل الذين يجب توافرهما في المندوب النقابي إذ ترك المجال مفتوحا أمام كل العمال و كذا أمام كافة المناصب بما في ذلك القائمين بالإدارة . و في إنتظار صدور قرارات من المحكمة العليا، فإنني أعتقد أنه طالما غالبا ما يكونوا القائمين بالإدارة تابعين للمستخدم إذ يتخذون القرارات بإسمه و يمثلونه أمام مجموع العمال لدرجة أن صفتهم تختلط بصفة صاحب العمل، لذلك فإنه من الأجدر إبعادهم عن التمثيل النقابي . يثورهنا تساؤل آخر حول إمكانية وجود علاقة قرابة بين العمال و صاحب العمل فهل هذا يعتبر عائق لتعيينهم كمندوبين نقابيين ؟ نقول هنا و إعتمادا على مبدأ : كل ما هو غير ممنوع القيام به قانونا فهو مباح و إعتبارا أن المشرع لم يمنع تعيين العمال الذين تربطهم علاقة قرابة بالمستخدم كمندوبين نقابيين فإن ذلك يرجع إلى النقابة إذا رأت أنه لا يلحقها أي ضرر فلها أن تعين أحد أقارب صاحب و ذلك مهما كانت درجة قرابته . أشارت المادة 44 إلى عبارة "أقدمية لا تقل عن سنة" فهل كان المشرع يقصد من ذلك تأدية العمل الفعلي من قبل العامل - حتى يمكن تعيينه كمندوب نقابي- لمدة سنة على الأقل ، و هل يجب أن تبقى علاقة العمل قائمة بين المستخدم و العامل أ ، م أنه يكفي أن يكون العامل قد أدى فعلا عملا لفائدة المستخدم لمدة لا تقل عن سنة ثم إنقطعت تلك العلاقة لأي سبب من الأسباب ؟ إضافة إلى ذلك فهل يجب أن يكون العمل المؤد ى لمدة سنة يجب أن يكون مستمر لكامل تلك المدة ؟ إن نص المادة جاء غامضا و لم يتطرق إلى كل تلك التساؤلات، و عليه و للإجابة عليها يجب أن تتطرق إلى الفائدة المرجوة من إشتراط تلك المدة إن الفائدة العملية من إشتراط تأدية المندوب النقابي لعمل داخل المؤسسة أو المقاولة أو الهيئة أو الإدارة العمومية لمدة سنة على الأقل هي إفتراض كونه على إطلاع أكبر بواقع المؤسسة و بمشاكل العمال الذين سيمثلهم، و حتى يكون تحقيق هذا الهدف قائم فيجب أن يبقى المندوب على علاقة مستمرة بالهيئة المستخدمة ، و عليه فإن تعليق علاقة العمل لأي سبب من الأسباب كحالة الإنتداب ، أداء الخدمة الوطنية أو الإحالة على البطالة التقنية ، ففي كل هذه الحالات علاقة العمل بين العامل و صاحب العمل تعلق و لمدة طويلة أو على الأقل لمدة لا يمكن تقديرها و بالتالي فلا يمكن تعيينه كمندوب نقابي. في حين فإن تعليق علاقة العمل لحالة مرضية و لمدة معينة لا تمنع ذلك . هذا من جهة ، و من جهة أخرى هل العمل المؤدي لمدة سنة على الأقل يجب أن يكون مستمر أم أنه يكفي توافر هذه المدة حتى و لو كانت العلاقة يشوبها تقطع ؟ فهل حساب الأقدمية يكون مرتبط بعقد عمل وحيد أم أنه يتعداه إلى أكثر من ذلك ؟ بما أن المشرع لم يستثن حالة عقود العمل المحددة المدة، فإنه يمكن جمع عدة عقود للحصول على المدة المقررة قانونا، لكن في هذه الحالة فإنه يمكن أن يثور مشكل الفارق الزمني بين العقد الأول و العقد الثاني، فما هو مقدار المدة الزمنية التي يجب أن لا يتعداها إبرام العقد الثاني ؟ هنا أيضا لا يوجد حل قانوني و لا قضائي على الأقل نستطيع القول أنه حتى يبقى العامل على إطلاع بواقع المؤسسة فيجب ألا يكون الفارق بين إبرام العقدين طويل . مثال : عامل إرتبط مع المؤسسة بعقد عمل محدد المدة يبدأ سريانه من تاريخ01/01/2005 إلى غاية 30/04/2005 ثم أبرمت معه نفس المؤسسة عقد عمل آخر و ذلك بتاريخ 01/07/2005، و بتاريخ 30/03/2006 تم تعيينه كمندوب نقابي . إن شرط أقدمية العمل في المؤسسة المقررة من قبل المشرع متوافر في قضية الحال و ذلك بجمع مدة العمل المؤد ى في العقد الأول و هي 04 أشهر و مدة العمل الثانية المتمثلة في 9 أشهر ف : 4+9 = 13 شهر . ج – التمتع بالحقوق الوطنية و المدنية : لكي يمكن تعيينه كمندوب نقابي يجب أن يكون العامل متمتع بحقوقه المدنية و الوطنية لا سيما حق الإنتخاب و الترشيح و كذا تمتعه بكامل أهلية الأداء ، و بالتالي فلا يجب تعيين (13) من حرم من حق الإنتخاب أو الترشيح و كذا عديم الأهلية لأن يكون مساعدا مح لفا أو أخبيرا أو شاهدا على أي عقد أو أمام القضاء أو أن يكون وصيا أو ناظرا و كذا المحروم من حق حمل الأسلحة و التدريس و من إدارة مدرسة أو يستخدم في مؤسسة للتعليم بوصفه أستاذا أو مدرسا أو مراقبا، و كذا المحروم من حق الإقامة كمندوب نقابي . ثانيا: الشروط الشكــلـيـة . بادئ ذي بدء يجب تصحيح خطأ وارد في المادة 45 من القانون رقم 90/14 إذ وردت سهوا عبارة " التي تعقب إنتاخبهم" بدلا من "تعقب تعيينهم" ذلك لأن المندوبين النقابيين يعينون و لا ينتخبون إضافة إلى الشروط الموضوعية الواجب توافرها لتعيين المندوبين النقابيين إشترط القانون شرط شكلي يتمثل في ضرورة تبليغ المستخدم و مفتش العمل بلقب و إسم المندوب أو المندوبين النقابيين و ذلك خلال أجل لا يتعدى 8 أيام من تعيينهم . ـــــــــ (13) أنظر المادة 08 من قانون العقوبات . ففي ماذا تتمثل وسائل الإعلام و ماهو الجزاء المترتب عن عدم إحترام الأجل المحدد قانونا ؟ إن المشرع لم يحدد الوسائل التي بواسطتها يتم تبليغ المستخدم أو مفتش العمل بألقاب و أسماء المندوبين النقابيين، و بالتالي ترك المجال مفتوحا للهيكل النقابي أو للمنظمة النقابية لإختيار الوسيلة التي تراها أنسب للتبليغ حتى شفاهة، لكن تجنبا لإنكار المستخدم بتبليغه بألقاب المندوبين ، و نظرا لكون عبئ الإثبات هنا يقع على عاتق الهيكل النقابي أو النقابة فإنه من الأحسن أن يتم التبليغ عن طريق رسالة مضمنة الوصول مع الإشعار بالإستلام، أو عن طريق رسالة مسلمة شخصيا مع إستلام وصل عن ذلك . و إذا كانت المؤسسة مقسمة إلى أماكن عمل متميزة و تم تعيين مندوبين نقابيين في تلك الأماكن، فإن تبليغ قوائم أسماء و ألقاب المندوبين، يتم أمام مسؤول المؤسسة و كذلك مسؤولي تلك الأماكن . إن تعيين المندوبين النقابيين لا يكون نافذا في مواجهة المستخدم و لا مفتش العمل إلا عند تبليغهما بذلك خلال 8 أيام من تار ي خ التعيين، يثار هنا التساؤل حول الجزاء المترتب عن عدم إحترام ذلك الأجل و قيام الهيكل بالتبليغ بعد مرور شهر مثلا من تاريخ التعيين ؟ قبل الجواب عن هذا التساؤل يجب التأكد أولا من الهدف من وضع ذلك الأجل و من كونه يتعلق بالنظام العام أم لا ؟ بالإطلاع على نص المادة 45 المذكورة سلفا فإنه يتجلى لنا أن الهدف من وضع أجل 8 أيام يتمثل في كونه وسيلة لإعلام المستخدم في أجل قصير نوعا ما بقائمة المندوبين النقابيين ، و أن هذا الأجل مقرر لمصلحة المستخدم و بالتالي لا يعتير من النظام العام ، فإذا ما ثار نزاع حول عدم تبليغ المستخدم بتلك القائمة خلال تلك المدة فإن المحكمة تقضي بإلغائها و ذلك لإخلال الهيكل النقابي بالإلتزامات الملقاة على عاتقه . سبقت الإشارة إلى أن الغاية من تبليغ المستخدم بقائمة أسماء و ألقاب المندوبين النقابيين هي إطلاعه عليها، و هذا ما يمكنه من مراقبة كون الشروط الواجب إحترامها - سواء تلك المتعلقة بعدد العمال في المؤسسة أو المتعلقة بالعامل في حذ ذاته كوجوب بلوغه سن 21 سنة و أن تكون له أقدمية لا تقل عن السنة- متوافرة، فإذا ما تبين له أنها غير متوافرة فله أن يطعن في تلك القائمة أمام القضاء الإجتماعي الذي له أن يحكم بإلغائها إذا ما تبين له أن إجراءات التعيين كانت مخالفة للقانون. في الأخير نشير إلى أن المشرع قصر تبليغ أسماء و ألقاب المندوبين النقابيين على صاحب العمل و مفتش العمل فقط، و نعتقد أن كان من الأجدر به أن ينص أيضا على وجوبية إعلام العمال الأجراء بذلك. و لكن حتى و لو لم يرد نص صريح بذلك، فإنه من المفيد و من اللازم أن يكون العمال على علم بأسماء المندوبين الذين سيمثلونهم مستقبلا أمام الهيئة المستخدمة، و على ذلك فإنه يجب على الهيكل النقابي أن يبلغ العمال بقائمة المندوبين سواء عن طريق التعليق أو أي وسيلة أخرى. الفرع الثاني : صلاحيات المندوبين النقابيين . بعد قراءة أولية للأحكام المتعلقة بالمندوبين النقابيين و بالقانون المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي و حتى القانون رقم 90/11 خاصة الباب السادس منه (14) نلاحظ أن المشرع لم يبين المهام و الصلاحيات التي يمكن للمندوب النقابي القيام بها، و هنا نتساءل عن الفائدة من تخصيص فصلين كاملين متضمنين أحكام لتسهيل عملهم و أخرى لحمايتهم من أي ضغط يمارس عليهم من قبل المستخدم ؟ فمن جهة نص المادة 46 من القانون رقم 90/14 على أنه "يحق للمندوبين النقابيين التمتع بعيش ساعات في الشهر مدفوعة الأجر كوقت عمل فعلي و ذلك لممارسة مهمتهم النقابية، و من جهة أخرى نصت المادة 53 من نفس القانون على أنه : "لا يجوز للمستخدم أن يسلط على أي مندوب نقابي ، بسبب نشاطاته النقابية عقوبة العزل أو التمويل أو عقوبة تأديبية كيفما كان نوعها" فما جدوى وضع نظام حماية لفئة ما، و ذلك لتسهيل القيام بمهامها بكل حرية دون تحديد تلك المهام ؟ حسب رأيي إنه من غير المنطقي تخصيص كل تلك الأحكام- المتعلقة بالمندوبين النقابيين- دون أن تكون لهم مهام داخل المؤسسة: هنا يوجد تحليلين : * التحليل الأول : بالرجوع إلى الأحكام الخاصة بالقانون 90/02 (15) فإنه يجب على المستخدم و ممثلي العمال عقد إجتماعات دورية لدراسة وضعية العلاقات الإجتماعية و المهنية و ظروف العمل العامة داخل الهيئة المستخدمة، و لقد أعطت الفقرة الثانية من المادة 4 من نفس القانون تفسيرا لممثلي العمال إذ أشارت إلى أن عبارة ممثلي العمال تدل على الم م ثلين النقابيين للعمال أو للمثلين الذين ينتخبهم العمال في حالة عدم وجود الممثلين النقابيين . ـــــــــ (14) أنظر المواد من 114 إلى 134 من القانون رقم 90/11 السالف الذكر و خاصة بالتفاوض الجماعي. (15) أنظر المادة 04 من القانون رقم 90/02 الصادر بتاريخ 06/02/90 و المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و تسويتها و ممارسة حق الإضراب. فماذا يقصد المشرع بعبارة "الممثلين النقابيين للعمال" ؟ إن المادة الرابعة السالفة الذكر أوكلت مهمة الوقاية من النزاعات الجماعية للممثلين النقابيين و في حالة عدم وجودهم فإنها أوكلت تلك المهمة لممثلين منتخبين من قبل العمال. يفهم من ذلك أن الممثلين النقابيين المذكورين أولا لا يكونوا منتخبين و لكنهم معينين، إضافة إلى أنه مفترض تواجدهم المستمر في المؤسسة، في حين أن الممثلين المذكورين ثانيا يكونوا منتخبين، و إنتخابهم يتم لغرض عقد الإجتماعات مع المستخدم لتسوية النزاعات الجماعية . إذن، فأول ما يمكن ملاحظته هو أن المشرع فرق بين نوعين من الممثلين: ممثلين نقابيين و ممثلين منتخبين من قبل العمال و هاذين النوعين من الممثلين أطلق عليهما تسمية ممثلي العمال . و ثاني ملاحظة هي أن الممثلين النقابيين يكونوا معينيين في حين أن الممثلين الأخرين يكونوا منتخبين من قبل العمال، و من المعلوم أن الممثلين النقابيين الغير المنتخبين و الذين يكونوا معينين في المؤسسة هم المندوبين النقابيين . * التحليل الثاني : و بالرجوع إلى المادة 42 من نفس القانون فإن المشرع نص على أنه في حالة عدم توافر منظمة نقابية تمثيلية أو هيكل نقابي داخل المؤسسة فإن تمثيل العامل لضرورة التفاوض الجماعي و الوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و تسويتها يكون من قبل ممثل ي ن ينتخبهم مجموع العمال، و أبعد من ذلك فإنه حتى عند تواجد هيكل داخل المؤسسة تشغل أقل من 20 عامل (أي إستحالة تعيين مندوب نقابي) فإن تمثيل العمال للتفاوض الجماعي و للوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها يكون من قبل ممثل منتخب . يستخلص من القراءة المخالفة للمادة 42 السالفة الذكر أنه عندما تتوافر في المن ظم ة النقابية الشروط المنصوص عليها في المادة 35 و ما بعدها و المتعلقة بالتمثيلية إضافة إلى توافر شروط إنشاء الهياكل النقابية و شروط تعيين المندوبين النقابيين لا سيما تلك المتعلقة بتوافر الحد الأدنى من العمال داخل المؤسسة (20 عامل على الأقل) فإن مهمة التفاوض الجماعي و تسوية النزاعات الجماعية تسند إلى ممثل نقابي. بربط التحليلين السالفي الذكر فإنه يمكن أن نستخلص أن المهام الموكلة إلى المندوبين النقابيين هي التفاوض و الوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و تسويتها. إن ما يدعم النتيجة المتوصل إليها هي أنه من الناحية العملية فإن المنظمات النقابية في تأديتها لمهامها تحاول دائما الإستفادة من نظام الحماية الخاص با لمندوبين النقابيين، فإذا ما أوكلت مهمة التفاوض الجماعي مثلا لممثل آخر غير المندوب النقابي فإنه لا تطبق عليه الأحكام الواردة في الفصلين الثاني و الثالث من الباب الرابع من القانون رقم 90/14 و المتعلقين بالتسهيلات الممنوحة للمندوبين النقابيين و بالحماية المقررة لهم أثناء ممارستهم لنشاطاتهم النقابية ، فذلك الممثل لا تمنح له مدة العشر ساعات و يمكن للمستخدم أن يباشر ضده إجراء تأديبي دون إتخاذ التدابير المنصوص عليها قانونا الفرع الثالث : النظام القانوني الذي يخضعون لهم . أولا: الأحكام المتعلقة بالتسهيلات المقررة لهم . لضمان حسن تأدية المهام النقابية الموكلة لهم فإن المشرع منح المندوبين النقابيين مدة 10 ساعات في الشهر مدفوعة الأجر و إعتبرها كوقت عمل فعلي ، و لا يدخل في حساب تلك الساعات الوقت الذي يقضيه المندوب النقابي في الإجتماعات التي يستدعي إليها بمبادرة من المستخدم . إن الوقت الذي يقضيه المندوب في الأعمال التي تكون بمبادرة منه فقط هي التي تحتسب، ولقد ذهب المشرع إلى أبعد من ذلك و إعتبر أن المدة التي يقضيها المندوب في الإجتماعات التي يحضرها بطلب منه و يقبلها المستخدم لا تدخل في حساب العشر ساعات . إن كيفية إستخدام تلك الساعات يكون من إختصاص المندوب وحده إذ يمكنه أن يستعملها دفعة واحدة أو يوزعها على فترات خلال الشهر و ذلك بحسب إحتياجات أعماله النقابية غير أنه إذا لم يستعمل كل تلك الساعات أو البعض منها فإنه لا يمكن تأجيل إستعمالها للشهر المقبل . إضافة إلى ذلك فإنه يمكن للمندوبين النقابيين أن يجمعوا أو يقتسموا فيما بينهم مجموع حساب الساعات الشهرية الممنوحة إياهم ، شريطة موافقة المستخدم، إن هذا الشرط قد يؤدي إلى عرقلة حرية ممارسة الحق النقابي فيمكن لصاحب العمل أن يتعسف في استعمال هذا الحق و يرفض جمع و إقتسام الساعات بين المندوبين ، و عليه فإنه كان يستحسن أن ينص فقط على وجوبية إعلان المستخدم بنية المندوبين بجمع و إقتسام الساعات الممنوحة لهم قانونا . فحتى يستطيع المندوب النقابي تأدية المهام الموكلة إليه فإن المشرع منحه مدة 10 ساعات كل شهر مدفوعة الأجر و إعتبرها مدة عمل فعلي للمندوب حق إستخدامها سواء أثناء وقت العمل أو خارجه و بما أن نص المادة 53 من القانون 90/11 يقضي بأنه لا يمكن أن يتقاضى العامل أجر عن فترة لم يعمل فيها مهما تكن وضعيته في الترتيب السلمي ما عدا في الحالات التي ينص عليها القانون و بما أن المندوب النقابي في إستخدامه للعشر ساعات- و ذلك سواء أثناء وقت العمل أو خارجه- فإنه في الحقيقة لا يؤدي بذلك عمل ا لفائدة المؤسسة أي لا تكون علاقة التبعية متوافرة بينه و بين صاحب العمل و إنما يؤدي عمل لفائدة المنظمة النقابية التي يعتبر مندوبا عنها ، و هذا ما يجعل عمله هذا لا يقابله أجر طبقا للقاعدة العامة . و خروجا عن تلك القاعدة نص المشرع في المادة 46 من القانون 90/14 على أن تلك المدة تعتبر كوقت عمل فعلي و يقابلها أجر و عليه فيجب على المستخدم أن يدفع للمندوب النقابي أجر مقابل الساعات التي لم يؤد ى فيها عمل لصالحه و لكن إستخدمها للنشاط النقابي. إن قيمة الساعات العشر تحدد بنفس قيمة الساعات التي كان من المفروض قد عمل فيها المندوب، فإذا كان إستخدامها أثناء وقت العمل العادي فإن الأجر الذي يقابلها يجب أن يكون مساويا للأجر المقابل لساعات العمل العادية، و إذا كان إستخدامها أثناء الساعات الإضافية أو أثناء الليل فإن الأجر المقابل يجب أن يأخد بعين الإعتبار الزيادة التي لا تقل بأي حال من الأحوال عن 50 ℅ من الأجر العادي للساعة الواحدة، هذا بالنسبة للساعات الإضافية ، أما بالنسبة للعمل فإن المستخدم ملزم ب دفع أجرة تقدر قيمتها بساعات العمل العادية . لعل أهم وسيلة يمكن أن يستخدمها المندوب النقابي لتسهيل تأدية مهامه النقابية هي حرية تنقله داخل المؤسسة المستخدمة و حرية إتصاله بالعمال حتى أثناء قيامهم بالعمل، و ذلك للوقوف على المشاكل التي يعانيها هؤلاء و على ظروف العمل بصفة عامة، و بالتالي فإن دفاعه عن المصالح المادية و المعنوية للعمال الأجراء الذين تعطيهم القوانين الأساسية للمنظمة النقابية التي ينضمون لها يكون مبني على الواقع المعاش فعلا داخل المؤسسة، و بالرغم من ذلك فإن القانون الجزائري لم ينص على هذه الوسيلة و لم يتعرض لها الإجتهاد القضائي . إلا أنه حتى و لو لم ينظم المشرع نظام حرية تنقل المندوب النقابي داخل الهيئة المستخدمة و في مواقع العمل ، فإنه من الممكن إعتبار ذلك جائز قانونا لما دامت الغاية من تنقله داخل المؤسسة يكون في إطار تسهيل تأديته لمهامه النقابية و المتمثلة في الدفاع عن المصالح المادية و المعنوية للعمال الأجراء فذلك الدفاع لا يكون مؤسس و لا منتج إلا إذا كان مبني على المعرفة الميدانية للمشاكل التي يعانيها العمال . و بما أن المشرع إفترض أن الساعات العشر الممنو ح ة للمندوب النقابي قد تم إستغلالها للعمل النقابي فعلا، فإذا ما ثار نزاع حول ذلك أي أن المندوب لم يستخدم تلك الساع ات في النشاط النقابي، فعلى المستخدم- طبقا لقاعدة أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي-أن يثبت أنه فعلا لم يستعمل تلك الساعات للعمل النقابي، فإذا ما أثبت ذلك فلا يدفع له أجر مقابل تلك الساعات. | |
|
baroun المدير العام للمنتدى
عدد المساهمات : 2508 نقاط : 18903 تاريخ التسجيل : 04/04/2010 العمر : 41 الموقع : www.elbayadh.ahladalil.com
| موضوع: رد: مـمـارسـة الـحـق الـنـقـابـي داخـل الـمـؤسـسة . الثلاثاء 3 سبتمبر - 16:40 | |
| تابع: ثانيا : نظام الحماية المقررة لكافة النقابيين . 1- نظام الحماية العام المقرر لكافة النقابيين : إعتبارا أن ممارسة الحق النقابي حق دستوري معترف به لجميع المواطنين فلا يجوز بالتالي لأحد أن يمارس أي تمييز ضد أحد العمال بسبب نشاطاته النقابية إبان التوظيف و الأداء و توزيع العمل و التدرج و الترقية خلال الحياة المهنية و عند تحديد المرتب و كذلك في مجال التكوين المهني و المنافع الإجتماعية، و ذلك سواء كان مندوب نقابي أو مسؤول في الهيكل النقابي أو المنظمة النقابية أو حتى مجرد عضو فيها. 2- نظام الحماية المقرر للمندوبين النقابيين : نظرا لكون المشرع أوجب تبليغ أسماء و ألقاب المندوبين النقابيين للهيئة المستخدمة ذلك لأنهم همزة وصل بين المنظمة النقابية و العمال الأجراء من جهة و من جهة أخرى بين هِؤلاء و صاحب العمل ، لكونهم على إتصال مستمر بهذا الأ خير و ل كونه م يمثلون قوة و سلطة داخل المؤسسة فإن المشرع لتسهيل تأدية مهامهم النقابية ، منحهم إضافة إلى الحماية العامة المقررة لكافة أعضاء المنظمة النقابية حماية خاصة بهم، و في هذا الإطار فرق المشرع بين نوعين من الجزاءات التي يمكن تطبيقها على المندوب النقابي و ذلك بحبس ب ما إذا كان الخطأ المرتكب بمناسبة تأديته للنشاطات النقابية أو للنشاطات المهنية . و عليه فإنه إذا ما إرتكب المندوب النقابي أي خطأ ذا طابع نقابي محض فإن المنظمة النقابية التي عينته وحدها مختصة بتسليط العقوبة التي تقابل الخطأ المرتكب، و على العموم فإن القوانين الأساسية و الأنظمة الداخلية للمنظمات النقابية هي التي تحدد الأخطاء ذات الطابع النقابي و الجزاءات المقابلة لها، فمثلا فإن القانون ال أ ساسي للإتحاد العام للعمال الجزائرين نص في المادة 24 منه على أن العقوبة التي يمكن تطبيقها تتراوح حسب خطورة الخطأ بين الإنذار و التوبيخ، التوقيف من التفويض النقابي، التجريد النهائي من كل مسؤولية نقابية و الطرد النهائي من حقوق الإتحاد العام للعمال الجزائرين ، وأخيرا المتابعة القضائية في حالة الإختلاس ، و يتم الحكم بالعقوبة على يد الهيئة التي ينتمي إليها المعني، نفس القانون يحيل على النظام الداخلي للإ ع ع ج فإننا نجده ينظم الإجراءات الواجب إتباعها لتسليط العقوبات على مرتكبي المخالفات و كذا الجهات المختصة بذلك و التي تختلف بإختلاف الهيئة التي ينتمي إليها المعني (سواء الفرع النقابي، ا لإ تحاد المحلي، الولائي أو الوطني) . و بما أن مجال الموضوع يتمحور حول المندوبين النقابيين فإن اللجنة التي تهمنا هي لجنة الإنضباط التابعة للفرع النقابي و التي تتألف من 3 إلى 7 أعضاء يتجدد إنتخابهم كل سنة، نبدي هذه اللجنة رأيها بشأن العقوبة المناسبة و ذلك بعد الإستماع إلى الطرف المختصم و تقدم النتائج المتحصل عليها للهيئة التي ينتمي إليها المندوب المعاقب لتتخدذ العقوبات المناسبة ما عدا في حالة لتسليط عقوبة الإفضاء من صفوف الإتحاد إذ أن هذه العقوبة يجب أن تحظى بموافقة اللجنة التنفيدية الوطنية. إضافة إلى ذلك فإنه يحق للهيئة المشرفة الحكم على المندوب المخالف بالتوقيف المؤقت عن مباشرة المهام النقابية لمدة لا يمكن أن تتجاوز شهرين . و إبتداءا من تاريخ إستلام القرار القاضي بتسليط العقوبة فإنه يجوز الطعن فيه في أجل 21 يوما من ذلك أمام اللجنة التي تعلو مباشرة الهيئة التي إتخذت القرار. أما عقوبات الطرد النهائي من صفوف الإ ع ع ج فيتم أمام لجنة الإنضباط اللجنة التنفيذية الوطنية المجتمعة و التي يكون قرارها نهائي غير قابل لأي سبيل من سبل الطعن، و يجب الإشارة هنا أنه يجوز للمندوب المعاقب للدفاع عن نفسه تفويض مدافع عنه . إن نظام الحماية المقررة لفائدة المندوبين النقابيين لا يستثنيهم من سلطات المستخدم في تطبيق العقوبات التأديبية عليهم إذا ما إرتكبوا خطأ بمناسبة تأديتهم ل نشاطاتهم المهنية، و ذلك كغيرهم من العمال الأجراء و لكن بشرط إتباع إجراء شكلي يتمثل في وجوبية، تحت طائلة البطلان إعلام المنظمة النقابية التي ينتمي لها المندوب المرتكب الخطأ. و نشير إلى أن الإعلام المنصوص عليه في المادة 54 من القانون 90/14 لا يعني أن صاحب العمل لا يستطيع تسليط العقوبة على المندوب النقابي المرتكب للخطأ المهني إلا بعد موافقة النقابة على ذلك، فالإعلام وحده كاف لمعاقبته، و في حالة نشوب نزاع حول هذه المسألة فعلى المستخدم إثبات أنه أبلغ فعلا المنظمة النقابية بالخطأ المرتكب بكافة طرق الإثبات . و سواء كان الخطأ المرتكب من قبل المندوب النقابي يدخل ضمن نشاطاته النقابية أو المهنية و طبق عليه المستخدم عقوبة العزل دون إتباع الإجراءات المنصوص عليها قانونا أو لكونه غير مختص أصلا لتطبيق تلك العقوبات في حالة الخطأ ذ و الطابع النقابي المحض فإن ذلك المندوب يعاد إدماجه في منصب عمله بناء على طلب مفتش العمل بعد أن يثبت المخالفة المرتكبة إذن، فإذا لم تحترم الإجراءات الواجبة إتباعها و المتمثلة في إعلام المنظمة النقابية بإرتكاب المندوب النقابي لخطأ مهني فإن مفتش العمل يقدم طلب للمستخدم بإعادة إدماجه في منصب العمل و بالتالي يلغى قرار التسريح بناء ا على ذلك الطلب مع وجوبية دفع حقوق المندوب المعني و المتمثلة في تعويضه بمبلغ مالي لا يقل عن الأجر الذي كان يتقاضاه . إن الطلب الموجه من قبل مفتش العمل لصاحب العمل غير ملزم لهذا الأخير إذ يمكنه رفض إعادة إدماج المندوب النقابي في منصب عمله، في هذه الحالة و بعد مرور 8 أيام من طلب الإدماج فإن مفتش العمل يحرر محضر بذلك و يخطر الجهة القضائية المختصة، و هنا يطرح التساؤل عن تحديد الجهة القضائية المختصة ؟ من ظاهر نص المادة 56 من القانون رقم 90/14 فإن الجهة القضائية المختصة هي القضاء الجزائي ذلك أن الأمر متعلق هنا بمخالفة و لكن بما أن القاضي الجزائي لا يمكنه إلغاء قرار التسريح و الأمر بإعادة الإدماج، فإنه يتبين أن نص المادة 56 في الواقع يشتمل على دعو ي ين : إحداهما تتعلق بإنزال العقوبة على المستخدم لإرتكابه لجريمة عرقلة ممارسة الحق النقابي، أما الدعوى الثانية فهي دعوى مدنية هدفها إلغاء قرار التسريح و الأمر بإعادة الإدماج . و بما أن هذه الدعوى مرفوعة من قبل مفتش العمل و غايتها حماية المشروعية فإن القضاء الإداري طبقا للمادة 7 من قانون الإجراءات المدنية هو المختص للفصل فيها و يكون القرار الملغ ي للتسريح و الأمر بإعادة الإدماج قرار نهائي غير قابل للإستثناف . حتى و لو كان نص المادة 56 قد جاء لضمان حماية أكثر للمندوبين النقابيين فإنه في ذات الوقت يمس بالحرية الفردية ، و ذلك إذا رفض هذا الأخير إلغاء قرار التسريح الصادر من قبل المستخدم .
الأحكام الخاصة بنشاط المنظمات النقابية .
إن الغاية من تأسيس منظمات نقابية تمثيلية هي الدفاع عن مصالح العمال داخل أو خارج المؤسسة ، لأجل ذلك فإن المشرع منحها الشخصية المعنوية لإمكانية لجوئها إلى القضاء و من جهة أخرى فإنه منحها كافة الصلاحيات للدفاع عن مصالح العمال. ففي ماذا تتمثل الدعاوى التي يمكنها رفعها و ما هي الصلاحيات الممنوحة لها ؟ للإجابة عن هذه الأسئلة قسمنا المبحث إلى مطلبين: تناولنا في الأول : النشاط النقابي على المستوى المهني، و في الثاني تناولنا لجوءها إلى القضاء . المطلب الأول : النشاط النقابي على المستوى المهني . حتى تستطيع المنظمة النقابية تأدية الدور المنوط بها فإن المشرع منحها كافة الصلاحيات التي تسهل لها عملية تمثيل العمال و الدفاع عن مصالحهم المادية و المعنوية. و بما أن المنظمات النقابية التمثيلية وحدها فقط التي بإمكانها إنشاء هياكل نقابية داخل المؤسسة فإن المشرع خصها بصلاحيات لا تتوافر عليها غيرها من المنظمات الأخرى و نفس الشيء بالنسبة للمنظمات النقابية الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني إذ خصها المشرع بصلاحيات أخرى . الفرع الأول : نشاط المنظمات النقابية التمثيلية على مستوى المؤسسة المستخدمة . إ ن المشرع وضع على سبيل الحصر الصلاحيات التي تتمتع بها المنظمات النقابية التمثيلية داخل الهيئة المستخدمة، و تتمثل تلك الصلاحيات في : - المشاركة في المفاوضات و الإتفاقيات أو الإتفاقات الجماعية داخل المؤسسة . - المشاركة في الوقاية من الخلافات في العمل و تسويتها و ممارسة حق الإضراب . - جمع أعضاء " المنظمة النقابية" في الأماكن أو المحلات المتصلة بها خارج أوقات العمل، و إستثناءا أثناء ساعات العمل إذا حصل إتفاق مع المستخدم . - إعلام جماعة العمال المعنيين بواسطة النشرات النقابية أو عن طريق التعليق في الأماكن الملائمة التي يخصصها المستخدم لهذا الغرض . - جمع الإشتراكات النقابية في أماكن العمل من أعضائها حسب الإجراءات المتفق عليها مع المستخدم. - عملية التكوين النقابي لصالح أعضائها (1) . ـــــــــ (1)-أنظر المادة 38 من القانون رقم 90/14 السالف الذكر . و نظرا لما تتميز به الإتفاقيات و الإتفاقات الجماعية لما تتضمنه من شروط للتشغيل و العمل و ما يتميز به موضوع الوقاية من الخلافات الجماعية في العمل و تسويتها، فإننا سنتطرق لهما بشيء من التفصيل لتبيان دور النقابة في كل منهما . 1- دور المنظمة النقابية في عقد الإتفاقيات الجماعية: إن حق التفاوض الجماعي من حقوق العمال الأساسية بموجبه يمكنهم تحديد شروط توظيفهم و عملهم و الأجور التي يتقاضونها و غيرها من المجالات المذكورة في المادة 120 من القانون رقم 90/11 و يكون التفاوض في الإتفاقيات الجماعية بناء على طلب المستخدم أو الممثلين النقابيين للعمال أو منظماتهم النقابية التمثيلية ، و تقوم به لجان متساوية الأعضاء تتكون من عدد مساو من الممثلين النقابيين للعمال (يتراوح ما بين 3 إلى 7 أعضاء) الممثلين النقابيين للمستخدم . و هنا يثار مشكل قضية التمثيلية النقابية إذ بوجود عدة تنظيمات نقابية على مستوى المؤسسة فما هي المنظمة التي تقوم بإبرام الإتفاقية ؟ لقد تعرض المنشور الوزاري المؤرخ في 19/11/90 إلى هذه المسألة و إعتبر أن الحل يكمن في التمثيل النسبي بين المنظمات النقابية التمثيلية . و باعتبار أن الإنهاء الجماعي لعلاقات العمل يشكل مشكلة من أخطر المشاكل فحتى و لو ارتبطت أسبابه بالظروف الإقتصادية: تقلبات الطلب، المنافسة القوية، التطور التكنولوجي و التقني وانعكاساته على أساليب الإنتاج و نوعية المنتوجات يمثل في النطاق القانوني ظاهرة ذات أبعاد إجتماعية لا تتناهى حدود جسامتها و لكون عملية التقليص جد مهمة سواء للمؤسسة أو للعامل لكونها قد تودي إلى التسريح ، فإن المشرع ربطها بالتفاوض إذ أوجب على المستخدم أو ممثله عرض محتوى يشمل مجموع التدابير المقررة للجانب الإجتماعي على المنظمات النقابية التمثيلية لعمال المؤسسة و ذلك في إطار إجتماعات تعقد خصيصا للتشاور حول مضمون الجانب الاجتماعي وشروط تنفيذه، فلممثلي العمال التعبير عن أرائهم و إقتراحاتهم و ملاحظاتهم حول مضمونه، و يترتب عن تلك المفاوضات تحرير محضر يوقع عليه الطرفان مع إثبات نقاط الإتفاق و عند الإقتضاء المسائل التي تكون محل تحفظ أو إختلاف في هذه الحالة الأخيرة يمكن للأطراف اللجوء إلى المصالحة و الوساطة، و عند الإقتضاء إلى التحكيم لحل نزاع طبقا للقانون رقم 90/02 (2) . ـــــــــ (2 )أنظر المادة 05 من القانون رقم 90/11 السالف الذكر. إذن فالمهمة الوحيدة المسندة للمنظمات النقابية في إطار عملية التقليص هي التفاوض على محتوى الخطة الإجتماعية و ليس التفاوض على عملية اللجوء إلى التقليص في حد ذاته . 2 - دور النقابة في الوقاية من النزاعات الجماعية و تسويتها و في اللجوء إلى الإضراب : لقد فرض المشرع على المستخدم عقد إجتماعات دورية مع ممثلي العمال لدراسة وضعية العلاقات الإجتماعية و المهنية و الشروط العامة للعمل، فإذا ما ثار خلاف بينهما حول كل تلك المسائل أو البعض منها يباشر ممثلو العمال و المستخدم إجراءات المصالحة المنصوص عليها في الإتفاقيات المبرمة بين الطرفين، فإذا لم تكن هذه الأخيرة محل إتفاق مسبق أو في حالة فشلها، يرفع ممثلو العمال أو المستخدم الخلاف الجماعي في العمل إلى مفتشية العمل المختصة إقليميا، عند إتفاق الطرفين فإن مفتش العمل يحرر محضر بذلك، و في حالة فشل إجراء المصالحة على كل المسائل المتنازع حولها أو على بعضها فقط يعد مفتش العمل محضرا بعدم المصالحة ، و في هذه الحالة يمكن للطرفين اللجوء إلى الوساطة أو التحكيم . و في حالة إستمرار الخلاف بعد إستنفاد إجراءات المصالحة و الوساطة فإن ممثلي العمال يعقدوا جمعية عامة و يستدعوا إليها مجموع العمال قصد إعلامهم بنقاط الخلاف المستمر و البث في إحتمال التوقف الجماعي عن العمل، و لا يتأتى ذلك إلا عندما تقوم المنظمة النقابية بإجراء الإستفتاء بين العمال عن طريق الإقتراع السري للتصويت على مبدأ إعلان الإضراب ، و متى يكون رأي الأغلبية مسفر عن تأييد لإتخاد الإضراب فإن النقابة تقوم بإعلانه . و بمجرد إيداع الإشعار المسبق بالإضراب تتخذ المنظمة النقابية المعلنة للإضراب مع صاحب العمل كافة الإجراءات و التدابير اللازمة لضمان المحافظة على المنشآت و الأملاك، كما يقوم المستخدم ، في حالة عدم النص في الإتفاقية الجماعية على الأنشطة التي يجب المحافظة فيها على قدر أدنى من الخدمة ، بإستشارة ممثلي العمال على تحديد تلك الميادين و العمال الذين يتكفلون بضمان الحد الأدنى من الخدمة . فنظرا للدور الذي تلعبه النقابات في إعلان الإضراب و الإشراف على تنظيمه و نظرا لما تتوفر عليه من إمكانيات مادية و معنوية من شأنها أن تجعل الإضراب الذي تعلنه و تشرف على تنظيمه أكثر فاعلية و تأثيرا على صاحب العمل ، إذ يحمله على سرعة إجابة المطالب العمالية، فضلا عن قيامها بإبرام المفاوضات الجماعية مع صاحب العمل في نهاية الإضراب، و بما أن الإضراب الذي تشرف عليه المنظمات النقابية تتاح أمامه فرص أكثر للنجاح فإن المشرع خص المنظمات النقابية تنظيمه والإشراف عليه و إنهاءه، و ذلك كما سبق تبيانه . الفرع الثاني: نشاط المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني . إذا كانت الصلاحيات السالف ذكرها تتعلق بالمنظمات النقابية التمثيلية للعمال الأجراء في كل مؤسسة مستخدمة، فإن صلاحيات إتحاد العمال الأجراء و المستخدمين و إتحادياتهم أو كنفدرالياتهم الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني تتمثل فيما يلي : - تستشار في ميادين النشاطات التي تعنيها خلال إعداد المخططات الوطنية للتنمية الإقتصادية و الإجتماعية : على إعتبار أن المنظمات النقابية جاءت أصلا للدفاع عن المصالح الفردية و الجماعية لأعضائها، هاته المصالح مرتبطة إرتباطا وثيقا بالتغيرات الإقتصادية و الإجتماعية للبلاد و بالتالي فلا يمكنها الدفاع عن تلك المصالح إلا إذا كان لها دور في تحديد المسار الإقتصادي و الإجتماعي للبلاد. - تستشار في مجال تقويم المشاريع و التنظيم المتعلقين بالعمل و إثرائها: بما أن المنظمات النقابية سواء المتعلقة بالعمال أو بالمستخدمين لها علاقة وطيدة بعالم الشغل و على ذلك فإن أهم ما يمكن أن تتمتع به في هذا المجال هو مساهمتها في وضع التشريع و التنظيم المتعلقين بالعمل و ذلك عن طريق إستشارتها أو حتى عن طريق إقتراحها بذلك (مبادرة خاصة بتعديل قانون العمل مثلا)، و هذا ما يلاحظ بالنسبة للإتحاد العام للعمال الجزائريين إذ أن قوانين العمل و التعديلات التي أدخلت عليها كانت بمبادرة منه، نذكر مثلا المادة 69 من قانون 90/11 فإنه جاء بنظام التقليص من عدد العمال إذا ما بررت ذلك أسباب إقتصادية( 3 ) إلا أنه لم يحدد الإجراءات الواجب إتباعها. و نتيجة لمطالبة الإتحاد العام للعمال الجزائريين فإن المشرع تدخل و جاء بالمرسوم رقم 94/09 و المتعلق بالحفاظ على الشغل و حماية الأجراء الذين قد يفقدون عملهم بصفة لا إرادية . - تتفاوض في الإتفاقيات أو الإتفاقات الجماعية التي تعنيها . - تمثل في مجلس إدارة هيئات للضمان الإجتماعي: بالرجوع إلى المادتين 12 و 13 من المرسوم التنفيذي رقم92/07 و المؤرخ في 04/01/92 و المتضمن للوضع القانوني لصناديق الضمان الإجتماعي و التنظيم الإداري و المالي للضمان الإجتماعي تنصان على أن يدير الصندوق الوطني ـــــــــ (3)أنظر المواد من 10 إلى 14 من المرسوم التشريعي رقم 94/04 الصادر بتاريخ 26/05/1994 و المتضمن الحفاظ على لشغل و حماية الأجراء الذين قد يفقدون عملهم بصفة لا إرادية . للتأمينات الإجتماعية للعمال الأجراء و الصندوق الوطني للتقاعد مجالس تتكون من الأعضاء المحددة ب 18 ممثل للعمال تابعين للصندوق و تعينهم المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا على المستوى الوطني و ذلك حسب نسب التمثيل و كذلك من 09 ممثلين للمستخدمين التابعين للصندوق و تعينهم المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا على المستوى الوطني للمستخدمين المذكورين و ذلك حسب نسب تمثيلهم و من بينهم ممثلين عن الهيئة المكلفة بالوظيفة العمومية إضافة إلى 02 ممثلين عن مستخدمين الصندوق تعينهما لجنة المساهمة . - تمثل في المجالس المتساوية الأعضاء في الوظيفة العمومية، و في اللجنة الوطنية للتحكيم المؤسسة بمقتضى القانون رقم 90/02 المؤرخ في 06/02/90 و المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و تسويتها و ممارسة حق الإضراب ، بالرجوع إلى المادة 21 من ذلك القانون فإنها تنص على "يحدث مجلس متساوي الأعضاء في الوظيفة العمومية يتكون من الإدارة و ممثلي العمال و يوضع لدى السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية "و يشكل هذا المجلس جهاز مصالحة في مجال الخلافات الجماعية في العمل داخل المؤسسات و الإدارات العمومية، يستشار في إعداد النصوص التشريعية و التنظيمية التي تخضع لها علاقات العمل ضمن المؤسسات و الإدارة العمومية و تكييف هذه النصوص و يحدد تشكيل ذلك المجلس من 08 أعضاء، أربعة أعضاء يمثلون الإدارة و أربعة يمثلون العمال (4) ، و بالرجوع إلى المادة 51 من نفس القانون فإن اللجنة الوطنية للتحكيم و المختصة للبث في الخلافات الجماعية في العمل تتكون من عدد متساو من عدد الممثلين الذين تعينهم الدولة و عدد ممثلي العمال إضافة إلى الرئيس - قاضي من المحكمة العليا- إن عدد أعضاء اللجنة يتمثل في 14 عضو دائم منهم 4 ممثلين تعينهم الدولة (ممثل عن الوزير المكلف بالعمل، ممثل عن الوزير المكلف بالعدل، ممثل عن الوزير المكلف بالمالية و ممثل عن الوزير المكلف بالداخلية) و 5 ممثلين للعمال و 5 ممثلين للمستخدمين و الذين تعينهم المنظمات النقابية للعمال الأجراء و مستخدميهم الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني بالتناسب مع صفته التمثيلية (5) . ـــــــــ (4)أنظر المادة 22 و 23 من القانون رقم 90/02 المؤرخ في 06/02/90 و المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و تسويتها و ممارسة حق الإضراب، و المادة 2 من المرسوم التنفيذي رقم 90/416 المؤرخ في 22/12/90 و المتضمن تشكيل و تنظيم و عمل مجلس الوظيفة العمومية . (5)أنظر المواد من 02 إلى 06 من المرسوم التنفيذي رقم 90/418 المؤرخ في 22/12/90 و المتعلق بتشكيل اللجنة الوطنية للتحكيم المختصة في ميدان تسوية النزاعات الجماعية للعمل و تنظيمها و عملها. المطلب الثاني: لجوء المنظمات النقابية للقضاء . إن المهمة الأساسية للمنظمات النقابية تتمثل في الدفاع عن مصالح و حقوق العمال الفردية و الجماعية، و لكي يتأتى لها ذلك أقر لها المشرع الشخصية المعنوية إذ نص في المادة 16/01 من القانون رقم 90/14 على ما يلي "تكتسب المنظمة النقابية الشخصية المعنوية و الأهلية المدنية بمجرد تأسيسها ... و يمكنها أن تقوم بما يأتي : التقاضي و ممارسة الحقوق المخصصة للطرف المدني لدى الجهات القضائية المختصة عقب وقائع لها علاقة بهدفها و ألحقت أضرار بمصالح أعضائها الفردية أو الجماعية المادية المعنوية". ما يمكن إستخلاصه من النص السالف الذكر أن المنظمة النقابية تستطيع مباشرة أية دعوى قضائية سواء كانت تلك الدعوى تتعلق بمصالحها الخاصة كشخص قانوني له حق إقامة علاقات مع غيره من الأشخاص القانونية الأخرى، أو تعلق الأمر بقضايا تهم مصالح أعضائها الفردية أو الجماعية، أو تمس مصالح المهنة التي تمثلها، و هذا سواء كانت مدعية أو مدعى عليها. إذن فللنقابة أهلية التقاضي لحماية مزدوجة: التقاضي لحماية مصالحها الخاصة، و التقاضي لحماية المصالح الفردية أو الجماعية و المادية أو المعنوية أو المهنية . الفرع الأول: التقاضي لحماية مصالحها الخاصة . بإعتبارها منظمة مستقلة، فللنقابة الحق في رفع الدعاوى أمام مختلف الجهات القضائية للدفاع عن مصالحها الخاصة، كالنزاعات التي تثور بينها و بين منظمات نقابية أخرى، أو بينها و بين الإدارة أو بعض الأشخاص المعنوية الأخرى ، أو حتى بينها و بين أعضائها فيما يخص عدم دفع الغرامات التأديبية عند إرتكابهم لخطأ ذو طابع نقابي محض . كما يمكنها اللجوء إلى القضاء - بإعتبارها طرفا في إتفاقية جماعية - للمطالبة بتنفيذ إلتزامات الأطراف الأخرى للإتفاقية أو التعويض في حالة الإمتناع عن التنفيذ . و بالإضافة إلى أن المنظمة النقابية يمكنها أن تكون مدعية في الدعاوى القضائية فإنها يمكن أن تكون كذلك مدعى عليها ، إذ تقوم مسؤوليتها عندما تتسبب في ضرر للغير، و بالتالي تكون مجبرة لجبره طبقا للقانون المدني، إذ يمكن حجز أملاكها المنقولة أو العقارية و التنفيذ عليها ببيعها- وفقا لقواعد الإجراءات المدنية- للوفاء بالدين الذي في ذمتها تجاه الغير أو تعويضه عما أصابه من ضرر، للإشارة هنا فإن المشرع الفرنسي إستثنى الأملاك العقارية الضرورية لعمل المنظمة النقابية من عملية الحجز (6) . إن المسؤولية المدنية للمنظمة النقابية يمكن أن تكون عقدية أو تقصيرية: فمثلا تقوم المسؤولية التقصيرية للمنظمة النقابية عند قيامها بوضع مناشير تتضمن معلومات سياسية، تقوم مسؤوليتها العقدية مثلا في حالة عدم إحترامها لبنود و أحكام الاتفاقية أو الاتفاق الجماعي الذي كانت طرفا فيه. و مهما كانت المنظمة النقابية مسؤولة عن الأفعال غير الشرعية التي يرتكبها فإن أعضائها بصفتهم يتمتعون بشخصية قانونية مستقلة عنها، فإنهم غير مسؤولين عن دفع الديون المترتبة في ذمة المنظمة التي ينتمون إليها حتى و لو كانت أملاكها غير كافية لتسديد ما عليها للغير. الفرع الثاني: التقاضي لحماية المصالح الفردية لأعضائها . من المستقر عليه قانونا أنه من شروط التقاضي توافر الصفة و المصلحة في رافع الدعوى، و أن تكون الدعوى مرفوعة بصفة شخصية، و بما أن هذه الشروط غير متوفرة في المنظمة النقابية، فهل يمكن لها في إطار الحماية الفردية لمصالح أفرادها أن تلجأ إلى القضاء، و هل حدد المشرع مجال تلك الدعاوى أم تركه مفتوحا ؟ إن موضوع أهلية النقابة في رفع الدعاوى الفردية كان محل نقاش فقهي و قضائي أدى في الأخير إلى إعتراف كافة التشريعات بإمكانية النقابة بتمثيل أعضائها أمام القضاء، فالقانون الفرنسي مثلا توسع في مجال تدخل النقابة نيابة عن العمال إذ يمكن لها أن ترفع أي دعوى مدنية ضد صاحب العمل بالنسبة لفئة العمال في المنزل و ذلك إن لم يحترم صاحب العمل الأحكام القانونية أو الإتفاقية الخاصة بنظام أو علاقات عمل هذه الفئة و ذلك دون حاجة إلى أية وكالة من العامل بشرط أن يكون هذا الأخير قد تم إعلامه بالدعوى و لم يعترض على رفعها، فالعامل المعني يمكنه التدخل في الدعوى المرفوعة من قبل في أية مرحلة كانت (7) . للمنظمات النقابية التمثيلية أيضا أن تباشر دعاوي قضائية لصالح أي عامل إذا ما لاحظت تمييز بين الرجال و النساء فيما يخص شروط و ظروف التشغيل، أو مقدار الأجور المدفوعة لنفس المنصب ( أو فيما يخص عقود العمل المحددة المدة (9) و ذلك ما يلاحظ إن كانت مبرمة خارج الأحكام المقررة في التشريع. ـــــــــ (6)أنظر المادة 411 – 12/02 من قانون العقوبات الفرنسي. (7)أنظر المادة 721-19 من قانون العمل الفرنسي. (نظر المادة 123/06 من القانون السالف الذكر. (9)أنظر المادة 122-03/16 من القانون السالف الذكر. و كذلك تستطيع رفع الدعاوي نيابة عن العامل الأجنبي للمطالبة بحقوقه المترتبة عن القوانين و الاتفاقيات المطبقة على هذه الفئة. أما بالنسبة للجزائر فهناك جانب من الفقه ذهب إلى تفسير المادة 16/01 من القانون 90/14 على أن المشرع ترك المجال مفتوح أمام المنظمات النقابية لرفع كل أنواع الدعاوى، سواء كانت دعوى التعويض عن الأضرار المادية أو المعنوية أمام المحاكم المدنية، أو دعوى إستعجالية، أو تتأسس كطرف مدني أمام المحاكم الجزائية و حتى في شكل دعوى إدارية كدعوى الإلغاء ضد الإجراءات و القوانين الإدارية الفردية و التنظيمية التي من شأنها أن تمس بالمصالح الفردية للعمال (9) . غير أنه ما يمكن أن يفهم من نص الفقرة السالفة الذكر (16/1) هو أن المشرع منح المنظمة النقابية حرية التقاضي فيما يخص الأضرار اللاحقة بها . أما فيما يخص التقاضي للدفاع عن مصالح أعضائها الفردية أو الجماعية مقصورة فقط على التأسس كطرف مدني لدى الجهات القضائية الجزائية، فالمادة 16 لا تخول أهلية التقاضي للمنظمة النقابية إلا فيما يتعلق بشؤونها الذاتية من جهة (كما تم شرحه في الفرع السالف الذكر) و بالحقوق المخصصة للطرف المدني نتيجة أعمال متعلقة بموضوعها و التي أحدثت ضررا للمصالح الفردية لأعضائها من جهة أخرى أي تكون ناتجة عن إرتكاب فعل جزائي و هذا هو التفسير الذي اعتمدته المحكمة العليا إذ إعتبرت أن الدعوى لا تتعلق بشؤون ذاتية للنقابة و ليست منجزة عن ارتكاب فعل جزائي. يستنتج من ذكر المادة 16 للحقوق المخصصة للطرق المدني، أن الدعوى الحالية تعتبر غير مقبولة لأن أهلية التقاضي الممنوحة قانونا لها لا تمتد إلى الدعوى العادية كالقضية الراهنة (10). و إذا كان المشرع الجزائري لم يمنح للمنظمة النقابية الأهلية لرفع الدعاوي لصالح المصلحة الفردية للعامل فإنه وضع إستثناء عن تلك القاعدة العامة إذ يمكنها أن تباشر كل الدعاوي الناشئة عن عدم تنفيذ الإلتزامات المتعاقد عليها في الإتفاقيات الجماعية لصالح أعضائها و المقصود بكل الدعاوى الناشئة: الدعاوى المدنية: كتعويض عامل مثلا على الأضرار اللاحقة به من جراء عدم تنفيذ الإتفاقية، كذلك في مجال التسريح لأسباب إقتصادية يمكنها أن تمارس صلاحياتها في التقاضي لصالح أحد العمال بهدف إحترام الإجراءات المتفق عليها في الجانب الإجتماعي. ـــــــــ (10) أنظر القرار القضائي المنشور بالمجلة القضائية العدد 02 لسنة 1996 ملف رقم 135960 قرار صادر بتاريخ17/12/1996 و الذي نص على أن الدعوى الحالية غير مقبولة لأن أهلية التقاضي الممنوحة للنقابة لا تمتد لإلى الدعوى العادية كالقضية الراهنة . بعض الأمثلة عن القضايا التي يمكن فيها للمنظمة النقابية أن تأسس كطرف المدني : من المقرر قانونا (11) أنه إذا إكتشف مفتش العمل خرقا صارخا للأحكام الآمرة في القوانين و التنظيمات يلزم المستخدم بالامتثال لها في أجل لا يتجاوز 08 أيام، فإذا لم ينفذ هذا الأخير ذلك الإلتزام يحرر مفتش العمل محضرا و يخطر الجهة القضائية المختصة و بما أن الأمر متعلق بمخالفة فإن الجهة القضائية المختصة هي القضاء الجزائي، في هذه الحالة يمكن أن نتصور أن كل المخالفات التي يرتكبها المستخدم و المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بتسريح العامل فإنه يمكن للمنظمة النقابية أن تتأسس فيها كطرف مدني للمطالبة بحقوق الضحية (العامل). و بالتالي يمكن أن تتأسس كطرف مدني في المخالفات المتعلقة بظروف إستخدام النساء في العمل الليلي، أو المتعلقة بمدة العمل القانونية الأسبوعية أو الساعات الإضافية أو تلك المتعلقة بأحكام الراحة القانونية أو عدم إحترام الشروط الواجب توافرها في عقود العمل ذات المدة المحددة، أو عدم تسليم قسيمة الراتب أو دفع أجرة تقل عن الأجر الوطني الأدنى المضمون أو المتفق عليه. و عليه فإن المخالفات التي يرتكبها المستخدم و المنصوص عليها في قوانين العمل و عند تحريك و مباشرة الدعوى يمكن للمنظمة النقابية أن تتأسس كطرف مدني للمطالبة بالحقوق الخاصة بالعامل المنخرط فيها. شروط لجوء النقابة إلى القضاء: إن الغاية من رفع النقابة للدعاوى القضائية نيابة عن العامل هي حماية مصالح هذا الأخير، لكن الإشكال المطروح هنا هو، هل يجب أن يكون للعامل صفة العضوية في المنظمة النقابية حتى تقبل دعواه ؟ و هل يجب أن تستظهره هذه الأخيرة بوكالة منه تسمح لها بموجبها تمثيله أمام القضاء ؟ و أخيرا هل يجب أن تكون النقابة تمثيلية أم لا ؟ أولا : الشـروط الـخاصـة بالـعامـل . حتى تقبل الدعوى المقامة من قبل المنظمة النقابية للدفاع عن مصالح العامل الفردية فهل يجب أن يكون عضو فيها ؟ لقد نص المشرع صراحة في نص المادة 16/01 من القانون رقم 90/14 على (... التقاضي ـــــــــ (11) أنظر المؤلف أحمية سليمان:التنظيم القانوني لعلاقات العمل في التشريع الجزائري. و ممارسة الحقوق المخصصة للطرف المدني لدى الجهات القضائية المختصة عقب وقائع لها علاقة بهدفه و ألحقت أضرار بمصالح أعضائه الفردية). من خلال هذه الفقرة يتبين لنا أنه حتى تكون الدعوى الفردية المقامة من قبل المنظمة النقابية فيجب أن يكون للعامل صفة العضوية في تلك النقابة، و إلا كانت الدعوى غير مقبولة لإنعدام الصفة. هل يجب على المنظمة النقابية أن تستظهر بوكالة من العامل حتى تكون دعواها مقبولة ؟ إن المشرع الجزائري لم يورد حكم خاص بذلك، غير أنه ما يمكن أن يستخلص من الفقرة الأولى من نص المادة 16 عدم إشتراطه لضرورة إستظهار المنظمة النقابية لوكالة من العامل. هل يمكن للمنظمة النقابية أن تباشر دعوى المصلحة الفردية للعامل إذا ما باشر هذا الأخير دعواه بنفسه ؟ إن القاعدة الإجرائية العامة هي أنه على كل من مس مركزه القانوني أن يلجأ إلى القضاء لإصلاح الضرر اللاحق به عن طريق دعوى يرفعها بنفسه و بإسمه، فإذا ما رفعها شخص آخر في مكانه فإنها ترفض لإنعدام الصفة. لكن المشرع إستثنى من وجوبية توافر الصفة و الأهلية للدعاوى المرفوعة من قبل المنظمات النقابية و إعترف لها بالشخصية المعنوية و بأهلية التقاضي. فالأصل العام إذن هو رفع العامل دعواه بنفسه و ذلك حماية لمصالحه الخاصة، و إستثناءا رفعها من قبل النقابة ، و بما أنه عندما يسلك الطريق الأصلي يستبعد الإستثناء أي أنه عندما ترفع الدعوى من قبل العامل نفسه فلا تستطيع النقابة التدخل في تلك الدعوى أو رفع نفس الدعوى ، غير أن المنظمة النقابية تتمتع بإمكانية مباشرة نفس الدعوى إذا ما إعتمدت على أساس مخالف و مغاير للأساس المعتمد عليه في الدعوى المرفوعة من قبل العامل: كالدفاع عن المصالح العامة للمهنة أو الخاصة بأعضائها و ذلك في حالة الإخلال بأحكام الإتفاقية الجماعية. لكن السؤال الذي يطرح هنا هو ما شكل الدعوى التي ترفعها المنظمة النقابية هل تكون مستقلة عن الدعوى التي يرفعها العامل، أم تكون في شكل تدخل في الدعوى المرفوعة من قبل هذا الأخير؟ إن المشرع لم يورد نص خاص بهذه الحالة، و عليه وجب الرجوع إلى القواعد العامة للإجراءات، و هنا يوجد إحتمالين: أ- رفع دعوى مستقلة : يجوز للمنظمة النقابية أن ترفع دعوى مستقلة عن تلك المرفوعة من قبل العامل سواء أمام ذات المحكمة أو أمام محكمة أخرى، فإذا ما رفعت الدعوى الثانية أمام المحكمة التي باشر أمامها العامل دعواه فللمحكمة أن تقضي بضم القضيتين على أساس الإرتباط الموجود بينهما و ذلك من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم (12) . أما إذا رفعت الدعوى الثانية أمام محكمة أخرى فيجوز إحالة الدعوى بناء على طلب الخصوم أمام المحكمة التي رفع أمامها العامل دعواه شريطة أن يثار الدفع بالإحالة لوحدة الموضوع قبل أي دفاع في الموضوع (13) . ب- مباشرة الدعوى عن طريق التدخل : الوسيلة الثانية التي يمكن للمنظمة النقابية أن تباشر بموجبها الدعوى - حماية للمصالح العامة أو الخاصة لأعضائها أو دفاعا عن مصالح المهنة- هي التدخل في الدعوى الفردية المرفوعة من قبل العامل (14) . ثانيا : الشروط الخاصة بالمنظمة النقابية . إذا كان لجوء النقابة إلى القضاء و رفعها للدعاوى نيابة عن العامل جاء إستثناء بموجب نص خاص- و ذلك خروجا عن القواعد العامة للتقاضي - فهل هذا يعني أن المجال مفتوح أمامها للدفاع عن المصالح الخاصة للعمال بلجوئها إلى القضاء بدون علم صاحب المصلحة أو حتى عند معارصته؟ و بصيغة أخرى هل يجب على النقابة أن تعلم العامل بنيتها في رفع دعوى قضائية لمصلحته و ذلك إذا ما مس مركزه القانوني ؟ و هل للعامل الحق في الإعتراض في تلك الدعوى ؟ قبل الإجابة عن تلك التساؤلات يجب أن نحدد أولا النقابات التي لها الأهلية و الصفة لرفع الدعاوي و هل يشترط القانون أن تكون تمثيلية ؟ ـــــــــ (12)أنظر المادة 12 من القانون رقم 90/03 الصادر بتاريخ 06/02/90 المتعلق بمفتشية العمل. (13)أنظر المادة 91 من قانون الإجراءات المدنية. (14)أنظر المادة 92 من قانون الإجراءات المدنية. (15) أنظر المادة 94 من قانون الإجراءات المدنية . بالرجوع إلى نص المادة 16 من القانون رقم 90/14 فإنها منحت حق التقاضي للمنظمات النقابية بصفة عامة إذا لم تخص بذلك المنظمات التمثيلية ، و على ذلك فإن صفة التقاضي متوافرة في المنظمات النقابية و إتحادات و إتحاديات أو كنفدراليات النقابات ، بينما الهياكل النقابية فلا تتمتع بها، ذلك لأنها تعتبر إمتداد للمنظمات النقابية داخل المؤسسة ، و الشخص المؤهل لرفع تلك الدعوى غالبا ما يكون محدد في القانون الأساسي للمنظمة ، فمثلا بالنسبة للإتحاد الوطني للمؤسسات العمومية فإن الدعاوى ترفع بإسم رئيسه إذ ترجع له مباشرة كل الدعاوى (15) و على كل فإن إنضمام شخص في المنظمة النقابية أو حتى مندوب نقابي ليست له صفة تمثيل المنظمة أمام العدالة. أما بالنسبة لمسألة إعلام العامل بتأسيس المنظمة النقابية كطرف مدني و المطالبة بالتعويضات الناجمة عن الفعل الجزائي أو رفعها للدعاوى المتعلقة بتطبيق الاتفاق الجماعي فإن المشرع لم يتطرق إلى وجوبية الإعلام و لا إلى الوسائل المتخذة للإعلام غير أنه باعتبار أن تلك الدعاوى جاءت إستثناء للقواعد العامة فإنه كان من الأفضل أن ينص المشرع على شرط إعلام المتضرر بالدعوى المرفوعة و ذلك حفاظا على حق هذا الأخير في الإعتراض على تلك الدعوى خلال أجل معين. الفرع الثالث: التقاضي لحماية المصالح الجماعية لأعضائها . إن مسألة المصلحة الجماعية للعمال و للمهنة طرحت على القضاء الفرنسي خلال القرن 19 من قبل نقابات فلاحية، نقابات عمال أحرار و نقابات أصحاب العمل، و السؤال الذي كان مطروح أنذاك هو لو أن شخص يمارس بصفة غير شرعية مهنة الطب، فهل بإمكان نقابة الأطباء أن تطالبه بتعويض الأضرار الجماعية اللاحقة بمهنة الطب ؟ إن النظرة التي كانت سائدة هي أن فكرة الضرر أو المصلحة الجماعية غير موجودة أصلا، إذ لا وجود إلا لمجموعة متراكمة من الأضرار الفردية تقابلها دعاوى شخصية منعزلة و بالتالي فلا تقبل الدعاوى الجماعية، إن هذا الموقف الذي لا يعترف بالمصالح المشتركة يعترض حتى مع إمكانية رفع النقابة للدعاوى، ذلك على أساس أنه حتى لو وجدت أضرار مشتركة فلا يمكن أن تكون مباشرة و هذا هو شرط اللجوء إلى القضاء. لكن هذا الرأي لم يصمد طويلا بإعتبار أن المهنة بحاجة إلى هيئة تتكلم بإسمها ، فكانت النقابة هي تلك الهيئة ، و لما كانت المهمة الأساسية للنقابة هي الدفاع عن المصالح الجماعية للعمال و المهنة فقد إعترفت محكمة النقض الفرنسية- بموجب قرارها الصادر عن الغرف المجتمعة بتاريخ 05/04/1913- "في ممارسة حق التقاضي كلما تعرضت هذه المصالح للتهديد، في حين ـــــــــ (16)أنظر المادة 22 من القانون الأساسي للإتحاد الوطني للمؤسسات العمومية. أنها إعترف لها بالشخصية القانونية بتاريخ 12/03/1920" . و بموجب المادة 16 من القانون رقم 90/14 فإن المشرع الجزائري إتخد نفس إتجاه المشرع الفرنسي و نص على أنه يجوز للمنظمات النقابية التقاضي و ممارسة الحقوق المخصصة للطرف المدني لدى الجهات القضائية المختصة عقب وقائع لها علاقة بهدفه و ألحقت أضرار بمصالح أعضائه الجماعية المادية و المعنوية، فلجوئها إذن إلى القضاء مرتبط بالدفاع عن المصالح الجماعية للعمال و للمهنة إذ لا تستطيع المطالبة بالتعويض أو إصلاح الضرر الذي سببته مخالفة المصالح العامة للمجتمع. ففي حالة المساس بإحدى المصالح العامة فمباشرة الدعوى يعود إلى النيابة العامة ذات الإختصاص الأصلي، و بالتالي فالدعوى التي ترفعها النقابة في هذه الحالة غير مقبولة . لكن في أغلب الأحيان فإن المصلحة الجماعية تتضمن المصلحة العامة للمجتمع، للفصل في هذا الإختلاط في المفاهيم فإن القضاء الفرنسي إعتمد التفسير الواسع للمصلحة الجماعية التي أصبحت تشمل المصلحة العامة كذلك، بحيث إستقر الإجتهاد بقبول دعوى المصلحة الجماعية المتعلقة بالمطالبة بالتطبيق السليم لقواعد قانون العمل مثل تلك المتعلقة بالراحة الأسبوعية، الصحة و الأمن و السلامة في العمل، الأمر الذي جعل النقابة تقوم بالدور الذي من المفروض أن يقوم به مفتش العمل و النيابة العامة، و بصفة خاصة تلك التي تتعلق بالحقوق الجماعية، مثل المساس بحق الإضراب، و المساس بالحق النقابي و الحرية النقابية، عدم إحترام قواعد الأمن و النظافة و خرق الأحكام المنصوص عليها في الإتفاقيات الجماعية بمقتضى تعليمات إدارية. أما في الجزائر فإن نص المادة 12 من القانون رقم 90/03 السالفة الذكر تعرضت إلى أنه يمكن لمفتش العمل أن يعلم الجهات القضائية المختصة (النيابة العامة) بالمخالفة المرتكبة من قبل المستخدم في مجال العمل، ذلك لأن أغلبية الأنظمة المتعلقة بقانون العمل تتعلق بالنظام العام و معاقب على مخالفتها جزائيا، فإذا ما باشرت النيابة العامة الدعوى العمومية فإنه يجوز للمنظمة النقابية أن تتأسس كطرف مدني و تطالب بكافة الحقوق المرتبطة بالمصلحة الجماعية لأعضائها، و إذا لم يعاين مفتش العمل المخالفة المرتكبة من قبل المستخدم فإنه يجوز لها أن تعلمه بها ليقوم بالإجراءات اللازمة، و إلا فإنها تقدم شكوى مباشرة للنيابة العامة و تتأسس في القضية كطرف مدني. مما نقدم يتضح لنا أن المنظمات النقابية - إلى جانب مفتشية العمل- أصبحت الأعوان الأساسية لمراقبة التطبيق السليم لأحكام قانون العمل و مدى إحترامها. بعض الأمثلة : 1- تسريح ممثل عمال دون إتباع الإجراءات القانونية ينتج عنه : أ- إن قواعد الحماية المقررة لممثلي العمال تعتبر من النظام العام و مخالفتها تعتبر جريمة تمس بالمصلحة العامة للمهنة. ب- إن الهدف من قواعد الحماية القانونية هذه هي حماية العمال بصفة عامة و هذا ما يؤدي إلى المساس بالمصلحة الجماعية. ج- إن ممثل العمال لحقه ضرر من جراء التسريح الغير قانوني، و هذا ما ينتج عنه مصلحة فردية ذاتية. 2- الوقاية الصحية و الأمن في العمل: في حالة وفاة العامل أو إصابته بجروح من جراء عدم إتخاذ قواعد الوقاية الصحية و الأمن في العمل، فإنه ينتج عن هذه المخالفة ثلاث مصالح مختلفة: أ- المساس بالمصلحة العامة ناتج عن مخالفة قواعد قانون العمل. ب- ضر مادي و معنوي أصاب الضحايا أو ذوي حقوقهم. ج - مساس بالمصلحة العامة للمهنة و التي وجد أعضاؤها أنفسهم في وضعية اللاأمن و ذلك ناتج كذلك من مخالفة قواعد قانون العمل.
| |
|