يحكى أنّ صيّاداً كان يسترزق من الصيد في البحر كل يوم يرمي شباك الصيد و يتعيّش مما يتفضّل الله عليه من أسماك و خيرات البحر
و في يوم من الأيام رمى هذا الصيّاد بسنارته في ماء البحر و إذ بسمكة كبيرة لا بأس بها تعلق بها فسحبها الصياد و تحمد الله على ما رزقه و انصرف إلى داره , و بعد أن وصل الصياد إلى داره هم بفتح السمكة و تنظيفها تمهيداً لبيعها فبعد أن شق بطن السمكة و باشر بالتنظيف وجد في بطن السمكة جوهرة كبيرة الحجم ….... ففرح الصياد بها و ذهب إلى خبير من خبراء الجواهر ليستشيره و يقدر ثمنها و بالفعل
قام هذا الخبير بتفحص الجوهرة و دراستها و أجابه بكلّ أمانة : “ إن هذه الجوهرة ثمينة جداً و لأكون صادقاً معك فإنني مهما أعطيك ثمناً لها فإنها تساوي أكثر من ذلك .. فلا قدرة لي على شراء مثل هذه الجوهرة الثمينة لا أنا و لا غيري من العاملين في هذا المجال فسأله الصياد مالعمل فأجابه عليك بالملك فأمواله كثيرة ربما يكون قادراً على أن يشتريها منك
و بالفعل توجه الصياد إلى قصر الملك و طلب مقابلته و عرض عليه الجوهرة ليشتريها فجاء الملك بما لديه من خبراء في الجواهر و الأحجار الثمينة و بعد دراسة و تمحيص توصّلوا إلى أنّ هذه الجوهرة بالفعل غالية الثمن بشكل كبير و أنه يصعب وضع ثمنٍ لها ….......فما الحل سأل الصياد
أجابه الملك : ما رأيك أن أشتريها منك مقابل أن أتركك في خزائن مالي مدة 5 ساعات تأخذ منها ما تشاء .
فكّر الصياد و بعد موازنة و تقدير و جد الصياد هذا العرض مرضياً فقبل به .
و بالفعل قام الملك بتوجيه الأمر لأمين هذه الخزائن ليأخذ الصياد و يفتح له أبواب الخزائن و يمكنه من أن يأخذ منها ما يريد طيلة الخمس 5 ساعات التي سمح بها الملك
دخل الصياد فوجد الخزائن متكونة من 5 أبواب :
- فتح الباب الأوّل فوجد فيه السبائك الذهبية و قد ملأت المكان فأعجبه المنظر و قال في نفسه لا بدّ لي من أن أستغل الوقت لأحضر شيئاً يحمل لي أكبر قدر ممكن من السبائك
- إلا أنّ فضوله دفعه لاستكشاف الأبواب الباقية ففتح الباب الثاني فوجد فيه النقود الكثيرة الفضية و الذهبية , الدناير و الدراهم , الريالات و الجنيهات........ فأضمر في نفسه ما أضمره في المرة الأولى
- إلا أن فضوله لم يقف عند هذا الحد بل تجاوزه إلى الباب الثالث ففتحه و إذ بسرير الملك هذا السرير الّذي لم يرَ الصياد مثيلاً له من قبل له ذهب و أحجر ثمينة و فرش ناعمة و ثيرة و قد علاه تاج الملك الثمين فدعته نفسه ليجرّب المنامة عليه و لو مرّة واحدة لأنه في حياته لم ينم على مثل هذه الفرش الوثيرة بل دائماً على الفرش الخشنة و الوسائد الممزقة التي في داره *فما زال لديه متسعٌ من الوقت ليجرب النوم على هذا السرير و ليحضر وسيلةً يحمل عليها الأموال و السبائك الذهبية* و بالفعل توسّد الصياد هذا الفراش و الثير و غطّ في النوم
فإذا به يستيقظ على صوت أحد الخدم يوقظه معلماً له بأن المدة -مدة الخمس5 ساعات- قد انتهت و آن وقت رحيله قد حان فرحل دون ان يحصّل أياً مما كان بإمكانه أن يحصل عليه مما وعده الملك به و قد أضاع فرصة ذهبية لا يـمكن أن تعوّض .
هذه القصّة نصل منها إلى أنّ من أضاع أوقاته في شهر رمضان و في أشهر العام و مواسم الخير الكثيرة التي تفضّل الله بها و منّ الله بها على هذه الأمة و فضّلها بها على كثيرٍ من الأمم السّابقة من أضاع هذه الأوقات في أمنيات النفس و حظوظها دون أن يشمر عن ساعد الجد و العمل في العبادة و العمل في خدمة الناس فيما يرضي الله فهو ليس إلا كهذا الصّياد الّذي خسر كلّ شيء و عاد صفر اليدين
يا من أضعت ليالي رمضان و فاتتك مواسم الخير و ليالي القدر هلاّ تداركت نفسك و افتديتها بالعمل المجد المخلص و العبادة الخالصة لله تعالى .