إنصف نفسك
يُحكى أن شابا يدعى خالد كان يمتهن إضاءة (المسجد الأزهر) بالسرج وبينما هو نائم ذات ليلة في المسجد إذ دخل أحد الأمراء (المتكبرين) المسجد وعثر في قدم خالد فغضب عليه غضباً شديداً، وقال له مستهزئاً وساخراً ومقللاً من قدره (لا تنم في المسجد يا شيخ الأزهر!)، فما أن سمع السرّاج هذه الكلمة إلا وقد انتفض واتخذ قراراً لا رجعة فيه بأن يطلب العلم ويجتهد حتى يكون شيخاً للأزهر ولم يلبث إلا أن أصبح شيخاً للأزهر وصاحبنا هو شيخ الأزهر الشهير ب(خالد الأزهري) رحمه الله، وهكذا تكون الهمم العالية!.. فلم يستصغر نفسه ولم يسمح لكلمات الأمير أن تحطمه ولم يقف صاغراً أمام جاه هذا الأمير! ولم يندب حظه! بل فجّر قدراته واكتشف ذاته حتى صار شيئاً مذكوراً.
يقف الكثيرون مذهولين عندما يبدأ أحد الأطباء بتشخيص أمراضهم ووصف العلاج مستخدماً في هذا جملة من المصطلحات والمفردات (المعقدة) ولربما صاحبها (كم) من الكلمات الإنجليزية مع تكلف في استخدام اللهجة!
ومع كبير الذهول وعظيم التعجب لربما كان هناك إحساس خطير بضآلة الحال وضعف القدرات وتدني مستوى الذكاء مقارنة به بهذا الطبيب!
ولربما نظرنا إلى أحد البارزين والمشاهير والمتخصصين نظرة الأعجم للإنسان الناطق!
هناك خلل في الرؤية وغبش في التصورات حيث الخلط بين القدرات والخبرات!
إن الذي أذهله فهم الطبيب وعبارات الكاتب وإبداع المهندس ربما عزا هذا (للقدرات) ولربما ظن (متوهماً) أن هؤلاء أذكى منه!
بل وقد يعد نفسه عضواً في نادي الأغبياء ولا حول ولا قوة إلا بالله!
وتلك نظرة خاطئة ولاشك وتصور منحرف؛ فالمعول عليه هنا ومن صنع فارقا هو (الخبرة) بمعنى لو أنك أفنيت سنوات في تعلم الطب بصبر وتجلد وفي دراسة الأمراض والأدوية فلاشك أنك ستكون زميل مهنة لهذا الطبيب الذي أدهشك! وأفغر فاك مفرداته المعقدة!
ومما يزيد عمق المشكلة تجاهل القدرات الشخصية مقابل هذا الطبيب أو المهندس أو الكاتب فلاشك أنك تفوقه في مجالات كثيرة وأنك تملك الكثير من المواهب ولديك القدرة على إنجاز أمور لا يستطيعون إنجازها!
إذن احذر أخي الكريم واحذري أختي من (المبالغة) في تقدير خبرات الآخرين وتهميش عطاءاتكم والتقليل من قدر نجازاتكم..
احذر أن تقارن أفضل ما لدى الآخرين بأسوأ ما عندك، فثق ثقة تامة أنك متى ما حاولت تطوير مواهبك وإثراء خبراتك فسوف تكون بإذن الله شخصية متميزة يشار إليها بالبنان وتشرئب إليها الأعناق!