إدماج ذوي الإعاقة في المجتمع والحد من مشكلة الإعاقة
لقد استحوذت مسألة الإعاقة على اهتمام علماء النفس والاجتماع في العالم أجمع حيث أكدوا على ضرورة تأهيل هؤلاء المعاقين ودمجهم في المجتمع , وكذلك أكدت الديانات السماوية وفي مقدمتها الدين الإسلامي الحنيف على الاهتمام بالمعاق وتكريمه .
فقد تحمل الأشخاص المعاقون وعلى مدى قرون عديدة عبئاً مزدوجاً , ولم يقتصر الأمر على كونهم معاقين عقلياً أو جسمياً بسبب عيوب عند الولادة أو الأمراض أو الحوادث بل أنهم يمثلون أيضاً مجموعة من أكثر مجموعات المجتمع في العالم تعرضاً للاستغلال والقمع .
إن نظرة العلماء لمسألة الإعاقة لم تعد مجرد رعاية المعاقين وإعادة تأهيلهم فحسب بل ينبغي النظر إلى المعاقين بوصفهم طاقة بشرية واجتماعية واقتصادية أهدرها ويهدرها المجتمع , ويجب علينا أن نؤسس وننظم الوسائل التي تمهد الطريق لاستعادة هذه الطاقات المتعددة , حيث ينبغي التخلي عن المنطق القديم في النظر إلى مسألة الإعاقة على أنها مشكلة فردية تنتهي بإعادة التأهيل الجزئي للمعاقين وذلك من خلال إعالتهم وإشباع حاجاتهم الفردية الأساسية , وأن نتناول المشكلة من منظور حديث للدفاع الاجتماعي في مواجهة الإعاقة , بتأهيل المعاقين ودعم مساهمتهم الإيجابية , علاوة على تبني رؤية شاملة للإعاقة من حيث ظروفها وعواملها المحيطة والمواجهة الجرئية والجادة لهذه الظروف والعوامل , متجاوزين بالتعامل مع هذه المشكلة منطق الإحسان الذي تكرسه المشاعر الإنسانية والعاطفية , متبنين بذلك منطق العقل الذي يعتبر هذه المشكلة قضية اجتماعية تدخل في نطاق المسؤوليات المنوطة بالمجتمع والدولة الحديثة , من حيث تحمل مسؤولياتها مع توخي الشمول والتوازن في خدمات المعاقين بين الفئات الاجتماعية كافة , مع مضاعفة الرعاية للأطفال لأنهم زهرة الحياة وزينتها وهم قرة العيون , وثمرات القلوب - بواسطة إشراف المؤسسات الاجتماعية على تربيتهم إشرافاً يجعلهم يعيشون حياة مليئة بالسعادة وخالية من العقد , ويأتي في مقدمة هذه العقد اختلال النمو لدى الأطفال واضطراب السلوك الاجتماعي لديهم والإصابة بمظاهر الشلل والأمراض المتعلقة باختلال تبادل المواد في الجسم , إلى جانب معوقات الحواس وخاصة النطق والكلام واللعثمة , والفأفأة , هذا بالإضافة إلى إصابة نسبة كبيرة من المواليد بإصابات إعاقة ناجمة غالباً عن الإصابة بالأمراض السارية كالحصبة الناجمة عن إهمال الوالدين في إعطاء أطفالهم اللقاح اللازم المضاد لهذه الأمراض السارية مما يؤدي إلى تعرض الأطفال إلى أمراض مختلفة تصيب الحواس كالعمى والصمم والاختلال العقلي وغير ذلك من العاهات الجسدية والعقلية الخطيرة .
ولابد من الإشارة هنا إلى أن العوامل الديموغرافية قد أضيفت إلى ضرورة الإسراع في تلبية حاجات المعاقين في الوطن العربي , لذا يجب التحضير من الآن للاهتمام بهذا المجتمع الجديد الذي سيفرض نفسه على الساحة العربية , من خلال الإندماج في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمساهمة الجادة في بناء المجتمع ....
تحياتي الخالدة