مخاطر الأبراج هل زالت إلى الأبد ؟
بددت اللجنة التي أمر بها سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز (أمير منطقة الرياض) المخاوف، والقلق، الناجميْن مما تردّد في المجتمع من «أن هناك علاقة بين أبراج الهاتف الجوال، وإصابة السكان القريبين منها بسرطان اللوكيميا» وبذلك «قطعت جهيزة قول كل خطيب» وما أكثر الذين يخطبون بغير علم، ولا هُدى، ولا كتاب مبين، وتوصلت اللجنة -استناداً إلى عدد من الدراسات- إلى أنه «ليست هناك مخاطر عامة على صحة القاطنين بالقرب من محطات الهاتف الجوال، لأن التعرض للموجات لا يتوقع أن يتعدى جزءاً صغيراً ليس له أي تأثير» (صحيفة المدينة المنورة، ع15684، 4 ربيع الأول 1427هـ، ص5).
محاولة تطويق أي معلومة تبدو غير صحيحة، وتترتب عليها مخاوف فردية ومجتمعية واجتماعية، جزء لا يتجزأ من واجبات ومسؤوليات مؤسسات المجتمع المدني، ولذلك قوبل تحرك الأمير سلمان بن عبدالعزيز لتأليف اللجنة بارتياح بالغ، وهو تحرك مطلوب، لكنه ينبغي التوقف أمام ما توصلت إليه اللجنة من أنه «لا يزال هناك العديد
مخاطر الأبراج لازالت مستمرة.. فكيف نحسمها ؟
من الدراسات، التي تجري في معامل ومختبرات جهات مختلفة من العالم حول هذا الموضوع» مما قد يوحي -مستقبلاً- احتمال وجود علاقة بين أبراج الهاتف الجوال، وإصابة السكان القريبين منها بسرطان اللوكيميا، وهو ما يستدعي -في رأيي- متابعة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، لإطلاع الرأي العام عليها، لا سيما بعد أن توصلت القياسات التي اضطلعت بها جامعة الملك سعود بالرياض عام 1419هـ، بدعم من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية «إلى أن الأشعة المنبعثة من أبراج الجوال، أقل من المقاييس المطبقة عالميا» وهذا أمر مُطمئن، إلا أنه ينبغي مراعاة البعد الزمني، فالقياسات طبقت عام 1419هـ، فهل تطلب البعد الزمني مقاييس عالمية جديدة؟ وهل تابعت الجامعة والمدينة معاً ما استجدّ من مقاييس؟ أطرحُ هذين السؤالين واثق في قدرات وإمكانات هاتين المؤسستين على توضيح الرؤية أمام أعين الناس، حتى يكونوا على بينة من أمرهم.
أحسنت اللجنة صنعاً، حينما استأنست بتقارير منظمة الصحة العالمية، غير أنه لفت نظري قولها: «إلا أن هناك نقصاً في بعض المعلومات، وتتطلب المزيد من البحوث للمساعدة في تقييم المخاطر الصحية بصورة أفضل، وسوف تستغرق ما بين الثلاث إلى أربع سنوات، لاستكمال هذه الأبحاث، وتقييمها، ونشر المعلومات عن أية مخاطر صحية» ولا أدري في أيّ عام صدر هذا التقرير، ولا أعلم إن كانت السنوات المضروبة انقضت أم لا، لكن ما يطمئن أيضاً أن تقرير الجمعية الملكية في كندا قال: «إن شدة هذه الموجات المنبعثة من محطات الاتصـــــالات اللاسلكـيــــة، ضعيفة بدرجة تجعل من غير المتوقع، حدوث مخاطر على الصحة عند تعرض العامة لها».
الهلع الذي أصاب السكان القريبين من أبراج الجوال -يبدو بعد تقرير اللجنة- لا مبرر له، ولكنّ المخاطر المحتملة تبقى رهن الدراسات والأبحاث العلمية، التي أتوقع أن تضطلع بها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ومراكز الأبحاث والدراسات السعودية، والعالمية، وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية كي تقطع «جهيزة» قول كل الخطباء، وتبدد إلى الأبد هذه المخاوف.